4 عبادات عظيمة تعادل ثواب القائمين الليل وتفتح أبواب الجنة
صلاة قيام الليل لها من فضل عظيم ومكانة رفيعة عند الله تعالى، فهي من أحب العبادات إليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل."
إلا أن السنة النبوية الشريفة بيّنت أن هناك عبادات أخرى تُعادل في أجرها قيام الليل، يحصل المسلم من خلالها على ثواب القائمين دون أن يُدركه السهر أو التعب، مما يفتح له أبواب الخير والرضوان، ويزيده قربًا من الله تعالى.
وفي هذا التقرير نستعرض أبرز تلك العبادات التي تجعل للمؤمن نصيبًا من ثواب القائمين الليل، كما أوضحتها النصوص الشرعية.
1. صلاة العشاء والفجر جماعة.. ثواب قيام ليلة كاملة
أكدت السنة أن المحافظة على صلاتي العشاء والفجر في جماعة تُعادل في أجرها قيام الليل كله، ففي الحديث الصحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال:"من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة كاملة."رواه أبو داود وصححه الألباني.
وهذا يدل على أن الحرص على صلاة الجماعة لا يقتصر على الأجر الجماعي فحسب، بل يرفع المؤمن إلى مرتبة القائمين بالليل، فينال بركة الثواب دون مشقة السهر.
2. أربع ركعات قبل الظهر.. تعادل صلاة السَّحر
ومن العبادات التي تعادل قيام الليل ما رواه أبو صالح رحمه الله مرفوعًا مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أربع ركعات قبل الظهر يعدلن بصلاة السحر."رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وهذا الحديث يبيّن أن من حافظ على هذه الركعات الأربع قبل صلاة الظهر، نال أجرًا عظيمًا يعادل صلاة السحر، وهو وقت نزول الرب سبحانه إلى السماء الدنيا، فيستجيب للداعين ويغفر للمستغفرين.
3. قراءة مائة آية من القرآن في الليل.. كقيام ليلة
جاء في حديث تميم الداري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ بمائة آية في ليلة كُتب له قنوت ليلة."رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فالقرآن الكريم هو رفيق الليل وشفاء القلوب، ومن قرأ منه مائة آية فقط في ليلته كُتب له أجر القائم بين يدي الله، حتى وإن لم يقم الليل بالصلاة.
وهذا الحديث يحث على أن يكون للمسلم ورد ثابت من القرآن كل ليلة، يفتح به قلبه، ويحيي به روحه، ويغسل به همومه.
4. حسن الخلق.. عبادة تعادل القائم الصائم
من أعجب ما ورد في السنة أن الأخلاق الحسنة يمكن أن ترفع المؤمن إلى منزلة القائم الليل الصائم النهار، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار."رواه أبو داود وصححه الألباني.
فالأخلاق في الإسلام ليست مجرد سلوكٍ اجتماعي، بل عبادة عظيمة يثيب الله عليها كما يثيب على الصلاة والصيام، وهي مقياس كمال الإيمان ورفعة المنزلة عند الله.
الشفع والوتر من قيام الليل
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن صلاة الشفع والوتر من قيام الليل، إذ قال الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء:"قيام الليل مصطلح واسع يشمل سنة العشاء، والشفع والوتر، وصلاة التهجد، والتراويح، وقراءة القرآن والدعاء ليلًا، فكل هذا من قيام الليل."
وبيّن أن أي طاعةٍ تؤدى بعد صلاة العشاء وحتى أذان الفجر تُعد من قيام الليل، سواء كانت صلاة أو تلاوة أو ذكرًا لله أو دعاءً خاشعًا.
قيام الليل قبل الفجر بعشر دقائق
أجاب الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى ومدير إدارة التدريب بدار الإفتاء، عن سؤالٍ حول حكم من صلى قبل أذان الفجر بعشر دقائق، فقال:"من صلى قبل أذان الفجر بدقائق قليلة يُعد من القائمين بالليل، لأن الليل ينتهي بطلوع الفجر الصادق."
وأوضح أن من أدرك شيئًا من صلاة الليل قبل الفجر فله أجر القيام، لأن قيام الليل يبدأ بعد صلاة العشاء وينتهي بطلوع الفجر، فكل ما بينهما وقت صالح للقيام والتهجد.
هل يجوز صلاة قيام الليل بعد الفجر؟
وفي هذا السياق، قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن صلاة قيام الليل لا تكون بعد الفجر، لأن الوتر والقيام لا يؤديان إلا في الليل، ولكن إذا استيقظ الإنسان قبل طلوع الشمس وكان لم يُصلِّ الفجر بعد، فله أن يصلي ركعتين بنية القضاء أو الذكر.
وأضاف: "القضاء قبل الفجر يساوي القضاء بعده من حيث الثواب، غير أن الأفضل تقديم صلاة الفجر على غيرها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أي العمل أفضل؟ قال الصلاة على وقتها)."
قيام الليل.. سر بين العبد وربه
إن قيام الليل من أعظم العبادات التي تربي النفس على الخشوع والصدق، قال الله تعالى:﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [السجدة: 16].
ولذلك، فإن هذه الأعمال التي تعادل قيام الليل تمثل فرصة عظيمة لكل مسلم لا يستطيع السهر أو القيام الطويل، ليغتنم أجر القائمين وهو في راحةٍ وطمأنينةٍ، من خلال أداء الصلوات في وقتها، والإحسان إلى الناس، وقراءة القرآن، وتحسين الخُلق.