رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

شهيد الجدعنة..مقتل«مودى» أثناء فض مشاجرة

بوابة الوفد الإلكترونية

أصدقائه: ما ينوب المخلص إلا موته.. كان رايح يشترى العشاء رجع فى كفن

 

كعادة الليل فى منطقة بشتيل الشعبية، الشوارع تضج بالحياة وأصوات الدراجات البخارية تختلط برائحة البيتزا القادمة من محل «الحسن والحسين» عند ناصية الشارع الكبير، لم يكن فى الأفق ما ينذر بأن القدر على وشك أن يكتب مأساة جديدة بطلها شجاع، وضحيتها إنسان لم يعرف الخوف.

«محمد عاطف» المعروف بين أصدقائه بلقب «مودى» كان شابا فى منتصف العشرينات من أبناء بشتيل المشهورين بالشهامة والجدعنة يعمل فى أحد معارض السيارات، حياته لم تكن مرفهة لكنها كانت مليئة بالرضا كان يقول دائمًا: «القناعة رزق.. والحمد لله اللى دايم فضله».

اشتهر الشاب بطيبة قلبه وابتسامته، فقد كان لا يمر على أحد إلا وترك فى قلبه أثرًا طيبًا يحب مساعدة الناس دون انتظار مقابل حتى صار بين جيرانه مثلًا للجدعنة والأصل.

فى صباح يوم الاثنين ودع أسرته كعادته وتوجه إلى العمل، لم يتخيل أنها آخر ليلة له فى تلك الحياة وأنه سيعود جثة هامدة لعائلته بعد يوم طويل من العمل.

فى المساء عاد إلى بيته قام بتغيير ملابسه ثم خرج بدراجته النارية ليشترى عشاءه من أحد المحلات القريبة منه وأثناء سيره بدراجته البخارية سمع صراخًا عاليا فى الشارع، التفت بسرعة فرأى مجموعة من الشباب يتجمعون حول مشاجرة حامية بين عامل دليفرى وشاب آخر، الألفاظ تتطاير كشرر النار والوجوه تشتعل غضبًا.

الناس تراقب من بعيد، والكل متردد فى التدخل لكن الضحيه لم يكن يومًا من هؤلاء الذين يقفون مكتوفى الأيدى، أوقف دراجته على جانب الطريق نزل منها بخطوات ثابتة وقال بصوت عالٍ: «يا جماعة عيب كده.. ماينفعش خناقة على حاجة تافهة تكبر كده»،

اقترب بخطواته يحاول أن يُبعد المتشاجرين عن بعض يضع يده على كتف أحدهم ويشد الآخر للخلف يحاول أن يطفئ النار قبل أن تلتهم أحدهما.

لكنها كانت لحظة خاطفة لحظة لم تمنحه فرصة حتى ليدافع عن نفسه فوجئ بالسكين التى كانت فى يد أحد الغاضبين لم تميز بين من جاء للخير ومن جاء للشر، ليتلقى طعنة واحدة غادرة استقرت فى قلبه ليسقط على الفور غارقا فى بركة من الدماء.

تجمد المشهد بعد سقوط جسده على الأرض والدم يسيل على الإسفلت لونه يختلط بأنوار المحلات صرخ الناس هرول البعض نحوه وآخرون هربوا خوفًا بينما بقيت عيناه نصف مفتوحتين، كأنها تبحث عن سبب لما حدث.

وصلت سيارة الإسعاف بعد دقائق كانت كالعمر كله فور وصوله إلى المستشفى حاولوا إسعافه لكن روحه كانت أسرع من الجميع، الطبيب قالها بصوت خافت: «مات فى الحال.. الطعنة فى القلب مباشرة».

الخبر انتشر فى بشتيل كالنار فى الهشيم لم يكن أحد يصدق أن محمد الشاب الطيب الهادئ رحل بهذه الطريقة البشعة تحولت صفحات التواصل الاجتماعى إلى ساحة حزن صورته بابتسامته البريئة انتشرت فى كل مكان ومعها الهاشتاج الذى أطلقه أهل منطقته: حق محمد لازم يرجع بشتيل فيها كتب البعض على صورته شهيد الشهامه.

الأهالى بكته بحرقة على فراقه الغادر، أصدقائه كتبوا عنه كلمات مؤثرة تدل على أنه كان يحب الخير لكل الناس.. «نزل يفض خناقة، رجع فى كفن.. ما ينوب المخلص إلا موته».

كأن القدر أراد أن يختبر إن كانت الشهامة ما زالت حية فى هذا الزمن فأرسل محمد ليؤكد أنها لم تمت، لكنها تدفع ثمنها غاليًا.

فى اليوم التالى خرجت جنازته من مسجد الرحمن فى بشتيل والدموع تسبق التهليل، النساء يزغردن بحرقة والرجال يرددون بصوت واحد: لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله.

وقف الأب المكلوم عند باب المسجد وجهه صامت عيناه غارقتان فى وجع لا يُقال وقف يهمس قائلا: هو طول عمره راجل.. بس كان نفسه يعيش، أما أمه فكانت تبكى بصوت مبحوح لا تصدق أن ابن عمرها مات بدون ذنب، فى المساء خيم الصمت على بشتيل لكن تحت هذا الصمت كانت هناك نار فى القلوب.

الناس لم تعد تبكى فقط بل طالبوا بالقصاص، بدأت التحقيقات، ورجال الشرطة تحفظت على الكاميرات فى محيط المكان وتولت النيابة التحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.