كيفية التعامل مع العدوى في الإسلام
العدوى.. أمر الشرع الشريف الإنسان باتقاء الأمراض المعدية، والفرار من المصابين بها؛ خوفًا من انتقال العدوى؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» أخرجه البخاري في "صحيحه". وفي رواية: «اتَّقُوا الْمَجْذُومَ كَمَا يُتَّقَى الْأَسَدُ» أخرجه ابن وهب في "جامعه"، والفاكهي في "فوائده" وأبو نعيم في "الطب النبوي" وابن بشران في "أماليه".
كيف نتعامل مع العدوى:
وعن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام، أن النبي صلَّى الله عَليْهِ وآله وسلَّم قال: «لا تُدِيمُواْ النَظَرَ إلى المُجَذَّمِينَ، وَإِذَا كَلَّمْتُمُوهُمْ فَلْيَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ قِيدُ رُمْحٍ» أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" وأبو يعلى في "مسنده". وأخرجه ابن السُّنّي وأبو نعيم في "الطب النبوي⅘" من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه مرفوعًا: «كَلِّمِ المَجْذُومَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قِيدُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ».
وعن عمرو بن الشريد، عن أبيه رضي الله عنه قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ» أخرجه الإمام مسلم.
الوقاية من العدوى
وسبقت الشريعة الإسلامية إلى نظم الوقاية من الأمراض المعدية والاحتراز من تفشيها وانتشارها؛ منعًا للضرر، ودفعًا للأذى، ورفعًا للحرج؛ حيث أمرت باجتناب ذوي الأمراض المعدية ومخالطتهم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يُورِدَنَّ مُمرِضٌ على مُصِحٍّ» متفق عليه.
وبذلك تُرسي الشريعة الإسلامية مبادئ الحجر الصحي المتعارف عليه الآن، والذي يحدد حرية التنقل للشخص المُصاب بالمرض المعدي وعزله عن الأصحاء مدة من الزمان تستغرق في الغالب مدة احتضان المرض، وقد ثبت أن هذه الطريقة هي من أهم التدابير الوقائية والأساليب الاحترازية في الحد من انتشار الأمراض المعدية.
كيف نتعامل مع العدوى في الشريعة الإسلامية
كما نهت الشريعة أيضًا عن الدخول إلى أرض انتشر فيها الوباء أو الخروج منها؛ حمايةً للأنفس وصيانةً لها من التعرض للتلف؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» متفقٌ عليه.
الاهتمام بالطهارة والنظافة لتجنب العدوى
الاهتمام بالطهارة والنظافة من طرق الوقاية من الأمراض
النظافة أمر مطلوبٌ عقلًا وشرعًا وعرفًا، وهي باب من أبواب الفوز بمحبة الله سبحانه وتعالى، فمن أسمائه تعالى "القدوس"، وهو الْمُنزَّه عن كل نقص، والطاهر من كل عيب، ومن تخلق بشيء من صفاته ومعاني أسمائه الحسنى كان محبوبًا له مقربًا عنده؛ فقد أخرج الترمذي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ».
وقد حث الشرع الشريف على أهمية النظافة والتطهير؛ في الثوب والبدن والمكان؛ قال تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]، وقال سبحانه عن مسجد قباء: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108].
وجعل ذلك شرطًا في صحة الصلاة التي يقف فيها المسلم بين يدي ربه؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6]. فلا تقبل صلاة أحد إلا بالطهارة.
كما جعل الشرع الشريف الطهارة شطر الإيمان في الأجر والثواب؛ تأكيدًا على أهميتها ومبالغة في الحث على فعلها؛ ففي الحديث: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح"، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
وقد تضافرت النصوص والآثار حول هذا المعنى:
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببناء المَساجِدِ في الدُّورِ، وأن تُنَظَّفَ وتُطَيَّبَ" أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والترمذي وابن ماجه في "سننهما"، وابن حبان في "الصحيح".
العدوى
وعن عائشة رضي الله عنها أيضًا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْإِسْلَامُ نَظِيفٌ فَتَنَظَّفُوا، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَظِيفٌ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".
وعن عائشة رضي الله عنها أيضًا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ». قال زكريا: "قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة". زاد قتيبة: قال وكيع: "انتقاص الماء: يعني الاستنجاء" أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".