المتحف المصري الكبير.. الأزهري: الصحابة زاروا الإهرامات وكانت نظرتهم إعجابًا لا هدمًا
 
مع افتتاح المتحف المصري الكبير، وبين إعجاب العالم بالحضارة المصرية وفخر المصريين بها من جانب، وتشكيك المتشددين ممن يضعوا الأثار المصرية القديمة في كفة ميزان واحدة مع عبادة الأوثان في الإسلام، نتذكر كلمات الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف عن نظرة علماء المسلمين والصحابة للأهرامات وإجلالهم لها الذي وصل إلى حد نقش أسماءهم عليها، ليكن رد قاطع وقوي أمام من يتهمون حضارة المصري القديم بالتكفير والبعد عن أصل الشريعة الإسلامية.
حيث قال الأزهري خلال أحدى حلقات برنامجه السابق «تجارب حياة»، إن علماء الأمة الإسلامية نظروا إلى الأهرامات والآثار المصرية نظرة إعجاب وإكبار، باعتبارها رمزًا لعبقرية الإنسان المصري وإبداعه في عمارة الأرض، مشيرًا إلى أن هذا الإعجاب تجلى في كتابات العلماء المسلمين منذ قرون طويلة.
وأوضح الأزهري أن الإمام عبداللطيف بن يوسف البغدادي، أحد كبار علماء الإسلام، سجّل مشاهداته للهرم الأكبر في عبارات دقيقة ومليئة بالإعجاب والانبهار ببراعة البناء ودقته الهندسية، مشيرًا إلى أن هذه الكتابات تمثل وثيقة حضارية مهمة تكشف احترام العلماء المسلمين للمنجز الإنساني على أرض مصر.
الصحابة زاروا الأهرامات ونقشوا أسماءهم عليها تمجيدًا لله
وأضاف الأزهري أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم عندما دخلوا أرض مصر، زاروا الأهرامات وتأملوا هذا البناء المهيب، وسجّل بعضهم أسماءهم على جدرانها، وكتبوا عليها عبارات التوحيد مثل: «يوحّد الله فلان»، كما نقل الإمام أبو جعفر الإدريسي في كتابه «أنوار علوي الأجرام في بيان خبر الأهرام».\
وأكد الأزهري أن هذه الواقعة التاريخية تُظهر أن نظرة الصحابة كانت قائمة على التفكر والتأمل في عظمة الخلق، لا على الرفض أو التحريم أو الهدم كما يدّعي البعض اليوم.
سعد بن أبي وقاص صلّى في قصر كسرى بين التماثيل ولم يأمر بإزالتها
وتابع الأزهري موضحًا أن التاريخ الإسلامي يحمل شواهد قوية على تعامل الصحابة مع الآثار القديمة بوعي ديني وحضاري رفيع، قائلًا:«لما دخل سيدنا سعد بن أبي وقاص، أحد العشرة المبشرين بالجنة، إلى إيوان كسرى، قرأ قول الله تعالى: (( كم تركوا من جنات وعيون ( 25 ) وزروع ومقام كريم ( 26 ) ونعمة كانوا فيها فاكهين ( 27 ) كذلك وأورثناها قوما آخرين ( 28 ))، ثم صلى فيه صلاة الفتح ثماني ركعات لا يفصل بينهن، واتخذه مسجدًا، رغم أن القاعة كانت تحتوي على تماثيل من الجصّ لرجال وخيل، ولم يمتنع هو ولا المسلمون عن الصلاة فيها، بل تركوها على حالها».
وأشار الأزهري إلى أن هذا الخبر نقله عدد من كبار العلماء، منهم الإمام الطبري في «تاريخ الرسل والملوك»، والإمام أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي في كتابه «الاكتفاء بما تضمنه مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء»، حيث أكدا أن الصحابة لم يروا في هذه التماثيل ما يمنع العبادة، لأنهم فهموا أن حرمة التماثيل تكون عند عبادتها، لا عند وجودها الأثري والتاريخي.
الوعي الديني لا ينفصل عن الوعي الحضاري
وختم الأزهري حديثه بالتأكيد على أن الإسلام دين علمٍ وتأمل، لا جهلٍ ولا هدم، قائلاً:«حين نفهم كيف تعامل الصحابة والعلماء مع آثار الأمم السابقة، ندرك أن الحفاظ على التراث الإنساني لا يتعارض مع الإيمان، بل هو من شكر النعمة وإحياء الوعي الحضاري».
وأكد أن المتحف المصري الكبير يمثل امتدادًا لهذه الروح الإسلامية الحضارية التي ترى في حفظ الآثار تكريمًا للعقل والذاكرة، وليس تعارضًا مع العقيدة، داعيًا إلى إعادة قراءة التاريخ الإسلامي بعيون منصفة بعيدة عن التطرف.
                   
          
                
    
    

