رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

شَرْطةٌ مائلة

تحت عنوان "مخطط ترامب – المخاطر والفرص، معايرة البوصلة الاستراتيجية لإسرائيل كيف يمكن استثمار الإمكانات الكامنة في خطة الرئيس الأمريكي ليوم ما بعد الحرب بما يتوافق مع المصالح الإسرائيلية؟" نشر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تقريرا مفصلًا حول ما يسمى "مخطط ترامب" لمرحلة ما بعد الحرب، مقدمًا رؤية استراتيجية لإسرائيل باعتبارها "طرفًا محايدًا" وقادرًا على إعادة تشكيل الواقع الفلسطيني.
يشير التقرير إلى أن المخطط المؤلف من 20 بندًا نُفذت منه المرحلة الأولى جزئيًا، من خلال إعادة الأسرى الأحياء وبعض القتلى، وتنظيم الجيش الإسرائيلي على طول الخط الأصفر، ويؤكد التقرير أن حماس لا تزال تعرقل التنفيذ، رفضًا لتفكيك السلاح واستمرار السيطرة على المدن، ويقترح إنشاء منطقة حكم فلسطيني بديلة تحت حكومة تكنوقراط مرتبطة بالسلطة الفلسطينية، بدعم دولي وإقليمي، بهدف تقديم نموذج مدني وسياسي بديل لحماس وتعزيز الأمن الإسرائيلي، مع توسيع تأثير اتفاقيات أبراهام.
عند تحليل هذا التقرير، تظهر عدة نقاط جوهرية، أولًا، تصوير حماس كعائق وحيد مستمر أمام السلام ونزع السلاح، مع تجاهل أن الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الاقتصادية والأمنية هي العامل الأساسي لاستمرار الأزمة، يعكس قراءة أحادية ومتحيزة، حيث يعيد التقرير إنتاج الرواية التي تتجاهل حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال واستعادة أرضه، وهو ما يشكل أساس الشرعية لأي استراتيجية حقيقية في المنطقة.
ثانيًا، تقدم فكرة إنشاء منطقة حكم فلسطيني بديلة تحت إشراف تكنوقراط نموذجًا مزيفًا للبديل السياسي، وتكرس الهيمنة الخارجية على القرار الفلسطيني، بدلاً من تمكين الفلسطينيين من اختيار قيادتهم،  خصوصا مع وضع اسم توني بلير كرئيس لـ"مجلس السلام" في غزة، وهو رئيس الوزراء البريطاني الأسبق الذي قاد بلاده لحرب على العراق، والسمسار ذو العلاقات المشبوهة،  كما يعيد التقرير التأكيد على أهمية اتفاقيات أبراهام كأساس لهندسة إقليمية جديدة، وهي الاتفاقيات التي رعتها إدارة ترامب الأولى، لتطبيع العلاقات الإسرائيلية مع دول خليجية، في تجاهل العدالة الإقليمية وحقوق الفلسطينيين، وهو ما يظهر الانحياز الواضح في الرؤية الإسرائيلية.
ثالثًا، يوضح الجانب العسكري في التقرير رغبة إسرائيل في نزع سلاح حماس بالقوة، لكنه يتجاهل أن هذه السياسة لن تؤدي إلى السلام، بل ستزيد الاحتقان وتعزز المقاومة، كما أثبتت سنوات من الحروب والصراعات في القطاع، التركيز على الردع العسكري والسيطرة على السكان بدل معالجة جذور المشكلة – الحصار والاحتلال – يعكس منطقًا أحادي الجانب لا يقدم حلاً مستدامًا.
كما يتضمن التقرير استراتيجيات لخلق نموذج مضاد في المنطقة بين خان يونس ورفح، لإظهار "التنمية والأمان" مقابل دمار مناطق حماس، وهو تصور يعكس محاولة إسرائيلية لإعادة هندسة البيئة الاجتماعية والسياسية في غزة لصالح مصالحها، وليس لصالح الشعب الفلسطيني.
كذلك يتجاهل التقرير تحرك إسرائيل لفرض السيادة على كامل الضفة الغربية، ولم تتضمن بنود خطة ترامب شيئا يوقفها، كما تتحفز لقصف غزة بين الحين والآخر، كما تفعل من 2007، وتتلكأ في الانسحاب الأولي حتى حدود الخط الأصفر، هذا ما يشير إلى أن بنود خطة ترامب ما هي إلا عشرون بندًا هلاميا، تحت عنوان سلام دعائي، لا تضمن حقوقًا للفلسطينيين، بل إنقاذا لما بقي من حكم نتنياهو.
في النهاية، تكشف قراءة التقرير أن "مخطط ترامب" من منظور إسرائيلي ليس سوى محاولة لإعادة ترتيب المنطقة لصالح إسرائيل وإخماد نفوذ حماس، دون أي اعتراف بالحقوق الفلسطينية. 
كاتب وشاعر، صحفي حر، أكاديمي، مُدرس الأدب العبري الحديث والدراسات الإسرائيلية، كلية الآداب، جامعة المنصورة، مصر
https://www.facebook.com/MoHendam
https://x.com/MoHendam
[email protected]