مع نهاية كل أسبوع، وخصوصًا يوم الجمعة، حيث يقترن هذا اليوم العظيم برسالة دينية تأتينا من هنا وهناك، من الأصدقاء أو الخلّان، وقد ذُيلت في نهايتها بعبارة "انشر تؤجر" .... وقد تكون رسالة تعرض حديثًا نبويًا شريفًا، أو آيةً قرآنيةً كريمةً، يزعمون فيها أنّ هناك إعجازا من نوع ما، سواء كان الإعجاز عدديا أم غيره ...
والكل تأخذه العاطفة ويسارع في عمل الخيرات، فالحسنات يذهبن السيئات، ويا له من أجر هيّن، وجهد بيّن، فما عليك إلا تحويل الرسالة لعشرات الأشخاص، إنْ لم يكن الآلاف إذا أدرجتها على صفحتك الشخصية على الفيس بوك أو تويتر أو كلتيهما؛ طمعا في الحصول على أعلى أجر من الحسنات، ووصولا لأكبر عدد من الشخصيات، ويستمر الإرسال وينتشر كأنه النار في الهشيم.
لكن هل فكرتَ في ذلك قبل نشره، وهل تأكدت من صحته؟ بل هل قمت بقراءته قراءة واعية.
كلنا يعرف أنّ القرآن الكريم معجز بلفظه ومعناه، وبكل حرف فيه، فهو كتاب الله الخالد، الذي تكفل الله - سبحانه وتعالى - بحفظه من التبديل والتغيير، حيث قال تعالى:" إنَّا نحنُ نزلّنا الذّكر َوإنا له لحافظون"(سورة الحجر- 9).
كما نعرف أن كلام رسولنا العظيم – صلى الله عليه وسلم -وحي من السماء إذ قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى" سورة النجم- 3).
وعندما يتحدث بعض العلماء عن الإعجاز العددي في القرآن وهو أسلوب جديد في كتاب الله، فإنّ الهدف منه زيادة إيمان المؤمن وتثبيته.
لكن عندما تتبعت بعضًا من تلك الرسائل، لاحظت أنّ هناك أمرًا يُدبر، يجب أنْ ننتبه له، حيث يقوم بعضهم بطرح موضوعات مزيفة، حول القرآن الكريم أو السنة النبوية، ويعملون على نشرها على أوسع نطاق؛ وذلك بهدف التأثير على قطاع كبير من الجماهير، بدعوى أنه وجه من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم أو السُنة النبوية، ومن ثَمّ يصدقها الناس ويعملون على نشرها بشتى الطرق، كأنهم قاموا بعمل جليل عظيم.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: هل تأكدنا بأنفسنا من صحة ذلك، وهل لدينا مصدر موّثق؟
إنّ مواقع التواصل الاجتماعي لا تعدُّ مصادر مؤكدة، وخصوصا لمثل هذه القضايا المهمة التي تتعلق بالدِّين. فالذين يطلقون هذه القضايا هدفهم خبيث، فهم يريدون الطعن في القرآن الكريم، وتشكيك الناس فيه.
فنجدهم تارة يشيعون أنّ هناك إعجازًا في تكرار كلمة "شهر "اثنتا عشرة مرة في القرآن الكريم، وهو عدد شهور السنة.. وتارة أخرى نجدهم يشككون في صحة ذلك، ويقولون ما هذا إلا كذب وافتراء (وهم صادقون هذه المرة)، فكلمة شهر لا تتكرر اثنتا عشرة مرة في القرآن كما زعموا وأشاعوا في المرة الأولى، وقام الناس بتصديقهم، بل نشروا ذلك وانتشر كالنار في الهشيم. فماذا يحدث عندئذٍ؟ يحدث الشك وعدم اليقين والطعن في كتاب الله وسُنة رسوله العظيم. ومن هنا تكون البداية...بداية التشكيك في القرآن وصحته، فبعدما ينشرون خططهم الخبيثة التي يصدقها البعض، ويسير في رحابها بقصد أو دون قصد، يأتون ليشككوا فيها ويثبتوا كذبها وافتراءها، فيدخل الوهن والشك في قلوب بعض الناس وخصوصا الشباب، الذي لا يقرأ ولا يحاول أنْ يتأكد من صحة ما يعرض أمامه على مواقع التواصل الاجتماعي.
إنّ كثيرًا من الأمور والقضايا وخصوصا التي تتعلق بالدين، نجدها شاعت وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وهي في معظمها غير صحيحة ونجد في نهايتها عبارة "انشر تؤجر "
فأي شيء ننشره! وأي أجر نأخذه!!!
فالهدف من ذلك كله هو إحداث الخلط والاضطراب بين الصحيح وغير الصحيح، بل وإشاعة ونشر غير الصحيح بين الناس، فيتوهم الناس صحته، ويخطِّئون الصحيح، في وقت لم يعد الناس يقرؤون ولا يحاولون البحث عن صحة ذلك من عدمه، ومع ذلك فهم مسؤولون ومحاسبون لأنهم مقصرون.
إننا مستهدفون في عقيدتنا كما في أوطاننا، وللأسف بَعضُنَا صار وسائل فاعلة ضدنا على مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الحرب الشرسة، فأحيانا نجد صورًا ومقاطع فيديو لا تليق بنا ولا بعاداتنا ولا بأسس عقيدتنا، فلا داعي لنشرها، فضررها كبير على الفرد والأسرة، وبالتالي على المجتمع بأسره.
إني أدعو الجميع دعوة صادقة من صميم القلب، إلى عدم نشر معلومات تتعلق بالدِّين أو الوطن أيا كانت تلك المعلومات، قبل التأكد من صحتها بطرق مؤكدة موثقة، فما تظنه يخدم القضية قد يضرها ويدمرها، وأنت تكون السبب في ذلك دون قصد منك.