سرحت بخيالى قديماً حينما كان الناس تنتظر هذه الفعاليات طمعاً فى تلك الأتواب الثقيلة المحملة -كما يصفها صناع الأقمشة_ ليحولوها إلى أغطية ومظلات، وإيشى خيمة وإيشى تعريشة زى السقف للعشة اللى بتلمهم، وللا حتى يشدوها بينهم وبين الجيران يعملو منها حائط فاصل، أهو أى شىء بمعنى سترة والسلام.
مقاسات وأطوال وألوان وحركات ومجهود خرافى فى الإخراج للمحتوى المكتوب من شعارات ووعود وتصاوير للأشخاص من زوايا مختلفة، حقيقى بتعكس أد ايه الناس دى مهمومة فعلا بحال غيرها، وازاى الحماس للعمل على ارض الواقع هياكل من نظرة عينهم حتة.
كل ذلك كان معلقاً على حوائط المبانى وأسوار المتنزهات وحدث ولا حرج عن الشوارع والأعمدة وحتى السيارات لم يفتها ذاك الشرف بل كانت تتجول حاملة مكبرات صوتية يذاع منها أغنيات تم تأليفها خصيصاً لذاك الحدث كنوع من أنواع البث المباشر والحصرى الذى لا ينقطع ليلا ولا نهاراً.
هو إذن حصار الدعايا على طريقة العيار اللى ميصيبش لازم يدوش، وهو فعلا يدوش ويزعج ويسبب التوتر ويجلب الصداع وكل ذلك من أجل الدعايا الانتخابية التى تصادف تواجدى ومشاهدتى لها فى إحدى مدن محافظة الدقهلية.
ولازلت أسرح بعقلى لأبعد من ذلك المشهد الذى أصفه بالمشهد الفج وأتساءل لماذا تتم الدعايا بهذا الشكل؟
هل المنافسة تقتصر على من يذيع أكثر وتنتشر صوره اكثر؟ هل سيتم التصويت بناء على الهيصة، هل هناك معايير جديدة للاختيار مثلا؟
ما الذى قدمه كل هؤلاء المرشحين للناس الذين يتلمسون منهم التصويت؟ وأبعد من ذلك قليلا ًماهى ميزانية كل ذلك وفيم استفادتهم؟ وفكرت بشكل برجماتى بحت وهو الأهم بالنسبة للمواطن المسكين، إذ بعد أن ينفض المولد ويختفى السيد المرشح بسلطاته وبابا غنوجه وميكروفوناته، كيف ستتحول هذه اللافتات الى جلاليب يواجه بها المواطنون صقيع الشتاء الذى يهاجمهم كل عام؟
بس ياخسارة اللافتات طلعت بلاستيكية وأمل الناس فى الجلاليب للأسف راح.