الشتاء يربك قطاعات السياحة والتجارة في إسبانيا
مع اقتراب تغيير التوقيت الشتوي في إسبانيا، الذي يبدأ فجر الأحد المقبل حيث تُؤخَّر الساعة ستين دقيقة لتصبح الثالثة صباحاً هي الثانية، تزداد التحذيرات من تأثير هذا التغيير على عدد من القطاعات الحيوية، أبرزها السياحة، والمطاعم، والتجارة الصغيرة، في حين يرى خبراء الصحة أنه الأفضل لجسم الإنسان وإيقاعه البيولوجي.
وأشار تقرير إذاعة كادينا سير الإسبانية إلى أن قطاعي المقاهي والمطاعم من أكثر المتضررين من قلة ساعات الضوء، إذ تتراجع أعداد الزبائن بشكل حاد مع حلول المساء المبكر. ففي إحدى حانات مدريد، أوضح أحد العاملين أن الإقبال يمكن أن ينخفض من 3 آلاف زبون يومياً إلى 200 فقط بعد دخول التوقيت الشتوي، مضيفاً أن “الناس تميل للبقاء في منازلها عندما يحلّ الظلام باكراً”.
وفي المقابل، يرى أصحاب المتاجر الصغيرة أن تراجع الإقبال المسائي يؤدي إلى انخفاض واضح في المبيعات، خصوصاً في قطاعات الأزياء والأحذية. وقد أكدت إحدى صاحبات المحال في مدريد أن “كل ساعة شمس إضافية تعني مزيداً من الحركة والمبيعات”، مشيرةً إلى أن تقليص ساعات النهار يزيد من استهلاك الكهرباء بسبب تشغيل الإضاءة باكراً.
الجدير بالذكر أن استطلاعاً للرأي أجرته منظمة المستهلكين الإسبانية (OCU) كشف أن 70% من الإسبان يفضّلون الإبقاء على التوقيت الصيفي طوال العام، مقابل 23% فقط يختارون الشتوي، لأنهم يعتبرون أن تأخر الغروب يحفّز النشاط التجاري والسياحي ويزيد من جودة الحياة.
أما في قطاع السياحة والترفيه، فقد أشار عدد من المنظمين إلى أن قلة الضوء الطبيعي تقلّص من فرص الجولات المسائية، ما يضطرهم إلى تعديل برامجهم أو تقديم أنشطة بديلة في الصباح.
وفي المقابل، أشار ممثلون عن قطاع الزراعة وتربية المواشي إلى أنهم يفضّلون التوقيت الشتوي، لأنه يتوافق مع الإيقاع الطبيعي للضوء والشمس، وهو ما يسهل أعمالهم اليومية مثل الحلب وإطعام الحيوانات.
علماً بأن خبراء النوم والطب الحيوي يؤكدون أن التوقيت الشتوي أنسب لصحة الإنسان، إذ يساعد على تنظيم الساعة البيولوجية ويقلّل من اضطرابات النوم ومشكلات القلب، لكونه ينسجم مع شروق الشمس ومواعيد العمل والدراسة.
ويرى بعض الأكاديميين الإسبان أن إلغاء تغيير الساعة بشكل دائم قد لا يكون مناسباً لكل مناطق البلاد بسبب اختلاف طول النهار بين الشرق والغرب، خاصة في إقليم غاليسيا حيث يتأخر الشروق كثيراً في فصل الشتاء.
ختاماً، يبدو أن الجدل حول بقاء التوقيت الصيفي أو الشتوي في إسبانيا سيبقى مفتوحاً، بين من يرى في ضوء الشمس الطويل محركاً للاقتصاد والسياحة، ومن يعتبر أن الانسجام مع الطبيعة والصحة العامة أولى من أي مكسب اقتصادي.

