نظرة أمل
لم يكن حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن الإعلام والفن يوما حديثا إنشائيا أو ترفا ثقافيا، بل رؤية عميقة تنطلق من فهم استراتيجى لطبيعة التحديات التى تواجه الدول فى هذا العصر، فالحروب اليوم لم تعد تُدار بالمدافع والدبابات بل تُخاض بالعقول لم يعد العدو يستهدف الأرض بل يوجه سهامه نحو الوعى، يسعى لتفكيك الانتماء وتشويه الرموز، وزرع الشك فى وجدان الشعوب حتى تفقد بوصلتها وثقتها بنفسها ودولتها.
من هذا المنطلق، يؤكد الرئيس السيسى فى كل مناسبة أن الإعلام والفن ليسا أدوات للزينة، بل ركيزتان من ركائز الأمن القومى. فكلمة أو مشهد أو لحن قد يكون تأثيره فى العقول أقوى من ألف طلقة. لهذا قالها الرئيس بوضوح، الشعب المصرى هو الجيش الحقيقى ويستحق إعلاما وفنا يليقان بوعيه وتاريخه.
تلك الجملة تلخص معركة الوعى التى يخوضها المصريون اليوم، معركة لا تُرى بالعين المجردة لكنها الأعنف والأكثر خطورة، إنها حرب تستبدل الرصاص بالشائعات، والميدان بالشاشة، والطلقة بالمعلومة المضللة، وفى زمن تختلط فيه الحقيقة بالزيف، يصبح الوعى هو السلاح الأشد فتكا، والإعلام والفن هما خط الدفاع الأول عن عقل الأمة وهويتها الوطنية.
فى الندوة التثقيفية الأخيرة للقوات المسلحة احتفالًا بذكرى نصر أكتوبر، وجّه الرئيس رسالة عميقة حين قال، الانتماء للوطن هو الشرف الأكبر والوعى هو السلاح الحقيقى، كانت كلماته بمثابة إنذار ونداء فى آنٍ واحد، تُذكر المصريين بأن التهديدات لم تعد عسكرية فقط، بل فكرية ونفسية، تُدار من وراء الشاشات، وتستهدف ضرب الثقة بين المواطن ودولته عبر بث الإحباط واليأس.
وهنا تتضح أهمية الدور المزدوج للإعلام والفن، فالإعلام الوطنى الصادق هو مرآة المجتمع ينقل الحقيقة دون تزييف، ويواجه الأكاذيب بالحجة والوعى لا بالصوت العالى أما الفن، فهو القوة الناعمة التى تخاطب الوجدان، وتزرع فى النفوس الأمل والانتماء وتعيد صياغة وجدان المصريين عبر أعمال تحترم عقولهم وتعبر عن واقعهم وقيمهم.
معركة الوعى التى تحدث عنها الرئيس ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل هى معركة وطن كامل، الإعلامى فيها جندى، والفنان مقاتل، والمواطن خط الدفاع الأول.
فالدولة لا تُحمى بالسلاح فقط، بل تُحمى أولًا بعقول مستنيرة وقلوب مؤمنة بالوطن.
وحين يصبح الوعى هو الحصن، تسقط كل محاولات الهدم والتشكيك.
حفظ الله مصر جيشا وشعبا وقيادة.