مراقبة الموظفين بالذكاء الاصطناعي.. الإفتاء تكشف الحكم
الذكاء الاصطناعي يُعد من أبرز إنجازات العصر الحديث، وثمرةً من ثمار العقل الذي أودعه الله في الإنسان، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29]. فهو تسخير إلهي لخدمة البشر، إذا استُعمل في الخير وضُبط بضوابط الشرع.
مراقبة الموظفين بالذكاء الاصطناعي
أكدت دار الإفتاء المصرية أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل لا حرج فيه شرعًا إذا اقتصر على الأغراض المشروعة، مثل متابعة المهام، وضبط أوقات الدوام، وحماية البيانات، بشرط ألا يتجاوز ذلك نطاق العمل.
أما تتبع خصوصيات الموظفين أو مراقبة حياتهم الشخصية خارج إطار الوظيفة، فهو حرام شرعًا ومجرَّم قانونًا، لما فيه من انتهاك للخصوصيات والتجسس على الناس وتتبع عوراتهم، وهو مما نهى عنه الإسلام بشدة.
ضوابط شرعية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في العمل
الاستخدام المباح للذكاء الاصطناعي يجب أن يلتزم بعدة ضوابط، أهمها:
إبلاغ الموظفين مسبقًا بوجود رقابة تحقيقًا للشفافية.
أن يقتصر النظام على نطاق العمل دون التعدي على الحياة الخاصة.
ألا يتجاوز القدر الضروري لتحقيق مصالح العمل.
وتؤكد القاعدة الشرعية أن "للوسائل أحكام المقاصد"، أي أن الوسيلة تأخذ حكم الغاية التي استُعملت من أجلها.
القانون المصري يحمي خصوصية الموظفين
قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020 شدد على ضرورة موافقة الفرد الصريحة قبل جمع أو معالجة بياناته، وعدم استخدامها إلا في الغرض المعلن. كما ألزم المؤسسات بتعيين مسؤول لحماية البيانات وصيانتها من أي إفشاء أو استغلال.
وفي “الميثاق المصري للذكاء الاصطناعي المسؤول” الصادر عام 2023، أكدت الدولة أن جميع مراحل عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي يجب أن تخضع للقوانين المصرية، خاصة قوانين حماية البيانات ومكافحة الجرائم الإلكترونية.
الشرع يحرم التجسس وتتبع العورات
قال تعالى: ﴿وَلَا تَجَسَّسُواْ﴾ [الحجرات: 12]، ونهى النبي ﷺ عن التتبع والتسمع على الناس، فقال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا...» رواه البخاري ومسلم.
كما توعَّد الرسول ﷺ من يتجسس على الناس بالفضيحة، فقال: «من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته».
الحياة الخاصة مصونة لا تُمس
أكد الدستور المصري في مادته رقم (57) أن الحياة الخاصة للمواطنين مصونة لا تُمس، وللمراسلات والمكالمات والاتصالات حرمة لا يجوز انتهاكها إلا بأمر قضائي مسبب.
يجوز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في متابعة العمل إذا كان ذلك في حدود المصلحة العامة، أما التعدي على خصوصيات الأفراد خارج نطاق الوظيفة فهو حرام شرعًا ومجرَّم قانونًا، لأن الإسلام كما يحث على الأمانة في العمل، يحفظ أيضًا كرامة الإنسان وحرمة حياته الخاصة.