رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

هوامش

تبدو انتخابات مجلس النواب المقبلة وكأنها تمرّ فى طريقٍ مرسوم سلفًا، بعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات استبعاد عدد من القوائم المنافسة بحجة عدم استيفاء الشروط والأوراق المطلوبة. وبهذا القرار، أصبحت القائمة الوطنية من أجل مصر هى الوحيدة المتبقية فى السباق على نظام القوائم المغلقة، ما يعنى عمليًا فوزها بالتزكية من دون منافسة.

هذا المشهد يعيد إلى الواجهة سؤالًا سياسيًا قديمًا جديدًا: هل ما زالت الانتخابات المصرية تمثل فعلًا سياسيًا حقيقيًا يعبر عن إرادة الناخبين، أم أصبحت إجراءً شكليًا لتجديد واجهة النظام البرلمانى دون تغيير جوهرى فى موازين القوى؟

استبعاد القوائم المنافسة، حتى وإن جاء وفقًا لمبررات قانونية، يثير شكوكًا حول طبيعة الشروط ومعايير الترشح نفسها، وهل هى فعلًا تهدف إلى تنظيم العملية الانتخابية أم إلى تضييق نطاق المنافسة لتظل فى حدود محسوبة ومضمونة النتائج. فالمشهد الحالى يجعل نصف مقاعد البرلمان تقريبًا محسومة سلفًا، فى حين تُترك المقاعد الفردية لمنافسات محدودة لا تغير من طبيعة التوازن السياسى العام.

من الناحية السياسية، يعكس ذلك انكماش المجال العام واستمرار تراجع أدوار الأحزاب التى يفترض أن تمثل تنوع الاتجاهات داخل المجتمع. فبدلًا من أن تكون الانتخابات فرصة لطرح البرامج والتصورات المختلفة حول مستقبل الاقتصاد أو السياسات العامة، أصبحت مجرّد إجراء إدارى لتجديد المؤسسات الرسمية.

كما أن غياب المنافسة الحقيقية يُضعف شرعية البرلمان المقبل ويحدّ من قدرته على ممارسة دوره الرقابى والتشريعى بفاعلية، إذ تتحول الغالبية البرلمانية إلى امتداد تنفيذى للسلطة أكثر منها سلطة رقابية.

هناك من يروج لفكرة أن الدولة تسعى من خلال هذا الشكل المنضبط من الانتخابات إلى تثبيت الاستقرار السياسى وتجنب الفوضى الحزبية التى قد تُربك المشهد العام، خاصة فى ظل الأزمات الاقتصادية والإقليمية المعقدة. غير أن هذا التبرير، وإن كان مفهومًا، لا يلغى حقيقة أن الاستقرار السياسى لا يُبنى على الإقصاء، بل على المشاركة، وأن قوة أى نظام سياسى تقاس بقدرته على استيعاب التنوع وليس التحكم فيه.

إن انتخابات بلا تنافس، حتى وإن كانت قانونية الشكل، تظل سياسية المضمون محدودة القيمة. فالديمقراطية لا تُقاس بعدد صناديق الاقتراع، بل بمدى تنوع الخيارات المطروحة أمام الناخبين. وما لم تُفتح أبواب المجال العام أمام قوى جديدة وأصوات مختلفة، سيظل البرلمان القادم انعكاسًا لصورة واحدة، لا مرآةً حقيقية لواقع المجتمع المصرى المتعدد.

 

[email protected]