رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

ويكيميديا تحذر: الذكاء الاصطناعي يهدد مستقبل المعرفة الموثوقة على الإنترنت

بوابة الوفد الإلكترونية

أطلقت مؤسسة ويكيميديا، المشغلة لموسوعة ويكيبيديا، تحذيرًا شديد اللهجة بشأن التأثيرات المتزايدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي على مستقبل المعرفة المفتوحة والمصادر الموثوقة على شبكة الإنترنت. 

وفي منشور رسمي على مدونة المؤسسة، أوضح مارشال ميلر، المدير الأول للمنتجات في ويكيميديا، أن ظهور روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي ونظم توليد الملخصات في محركات البحث بدأ يُحدث تحولًا جذريًا في طريقة وصول المستخدمين إلى المعلومات.

انخفاض غير مسبوق في زيارات ويكيبيديا

أشار ميلر إلى أن مؤسسة ويكيميديا لاحظت انخفاضًا بنسبة 8% في مشاهدات صفحات ويكيبيديا على أساس سنوي، وهو تراجع غير معتاد لموقع يُعد من أكثر المنصات زيارة في العالم. وأرجع هذا الانخفاض إلى أن المستخدمين باتوا يحصلون على الإجابات التي يبحثون عنها مباشرة من محركات البحث وروبوتات الدردشة دون الحاجة إلى زيارة المواقع الأصلية، وغالبًا ما تكون تلك الإجابات مأخوذة في الأساس من محتوى ويكيبيديا نفسه.

وقال ميلر: "نعتقد أن هذه الانخفاضات تعكس التأثير المباشر للذكاء الاصطناعي المولّد ووسائل التواصل الاجتماعي على كيفية بحث الناس عن المعلومات، خصوصًا مع اتجاه محركات البحث إلى عرض الإجابات الفورية بدلاً من الروابط التقليدية".

صعوبة التفرقة بين الزوار والروبوتات

وأوضح ميلر أن التحدي لا يقتصر على تراجع الزيارات، بل يمتد إلى صعوبة تمييز حركة الزوار البشريين عن تلك القادمة من روبوتات الذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت هذه الروبوتات أكثر تعقيدًا وقدرة على محاكاة السلوك البشري. وبعد تطوير أدوات الكشف وتحليل البيانات بشكل أدق، اكتشفت المؤسسة أن النسبة الأكبر من حركة المرور لم تعد تأتي من مستخدمين حقيقيين كما كان في السابق.

هذا التغير، وفقًا لميلر، يهدد نموذج ويكيبيديا القائم على المشاركة التطوعية والتفاعل المجتمعي، حيث يعتمد الموقع في تمويله وجودة محتواه على تفاعل القراء والمحررين المتطوعين.

خطر وجودي على المشروع

يرى ميلر أن الأزمة الحالية تتجاوز مجرد انخفاض في عدد الزيارات، معتبرًا أن استمرار هذا التراجع قد يُشكل خطرًا وجوديًا على ويكيبيديا، التي تُعد حتى الآن "الموقع الوحيد بهذا الحجم الذي يلتزم بمعايير التحقق والحيادية والشفافية في تقديم المعرفة".

ويحذر من أن انخفاض عدد الزوار يعني تلقائيًا انخفاض عدد المحررين المتطوعين، وبالتالي تراجع جودة المحتوى ودقته، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى تآكل الثقة في ويكيبيديا كمصدر للمعلومات الموثوقة. كما أن قلة التفاعل تعني انخفاضًا في الدعم المالي الذي تعتمد عليه المؤسسة غير الربحية للحفاظ على استمرارية عملها وخوادمها ومشروعاتها التعليمية.

دعوة لإعادة التفكير في دور الذكاء الاصطناعي

واقترح ميلر أن تُعيد مؤسسات البحث وشركات التكنولوجيا النظر في طريقة تقديم المعلومات المولّدة بالذكاء الاصطناعي. ودعا إلى ضرورة منح المستخدمين فرصة للتفاعل المباشر مع المصادر الأصلية التي تستند إليها النتائج والملخصات الذكية. وقال في منشوره: "إذا أردنا أن يثق الناس في المعرفة على الإنترنت، فيجب على المنصات أن توضّح مصدر كل معلومة وتتيح للمستخدمين زيارة تلك المصادر والمشاركة فيها".

تجربة فاشلة لتطبيق الذكاء الاصطناعي داخل ويكيبيديا

يُذكر أن مؤسسة ويكيميديا كانت قد اختبرت في وقت سابق فكرة استخدام ملخصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُعرض أعلى مقالات ويكيبيديا لتسهيل وصول المستخدمين إلى المعلومات الأساسية بسرعة. غير أن الفكرة واجهت معارضة شديدة من المحررين المتطوعين، الذين حذروا من خطر تشويه المحتوى وفقدان الدقة، ما دفع المؤسسة إلى إلغاء المشروع قبل إطلاقه رسميًا خلال صيف 2025.

مستقبل المعرفة المفتوحة في زمن الذكاء الاصطناعي

في ظل تزايد اعتماد المستخدمين على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وGemini وCopilot للحصول على المعلومات، تبدو ويكيبيديا أمام تحدٍّ كبير للحفاظ على مكانتها كمصدر مفتوح وموثوق. وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة لتوسيع الوصول إلى المعرفة، ترى ويكيميديا أنه قد يصبح سببًا في تقويض النظام الذي بُنيت عليه فكرة الإنترنت الحرة إذا لم يُستخدم بطريقة تضمن الشفافية واحترام حقوق المصادر الأصلية.

وبين الخطر والفرصة، تبقى رسالة ويكيميديا واضحة: لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الإنسان في بناء المعرفة، ولا يمكن للمعلومة أن تبقى موثوقة إذا اختفى من يصححها ويتحقق منها.