رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

انقسام في الشارع البريطاني.. مباراة مكابي وأستون فيلا تُشعل الجدل بين حرية المشجعين ورفض التطبيع الرياضي

تظاهرات سابقة لدعم
تظاهرات سابقة لدعم غزة بالعاصمة لندن

لم تكن مباراة أستون فيلا ومكابي تل أبيب مجرد حدث كروي عابر في جدول الدوري الأوروبي، بل تحولت إلى مرآة للانقسام العميق داخل المجتمع البريطاني، بين من يرى في حضور جماهير مكابي حقًا إنسانيًا مكفولًا، ومن يعتبره شكلًا من أشكال التطبيع مع إسرائيل في ظل استمرار الحرب على غزة.

فمنذ إعلان نادي أستون فيلا قراره منع جماهير الفريق الإسرائيلي من الحضور، تباينت ردود الأفعال بشكل غير مسبوق على منصات التواصل الاجتماعي في بريطانيا، لتتحول القضية إلى نقاش وطني حول معنى الحريات، وحدود التضامن، وموقف البلاد من الصراع الدائر في الشرق الأوسط.

على منصة "إكس"، انقسمت التغريدات بين تيارين متناقضين؛
الأول يقوده نشطاء مؤيدون لإسرائيل، يرون أن القرار يكرس لما وصفوه بـ"معاداة السامية المقنّعة"، مؤكدين أن على بريطانيا حماية جماهير كرة القدم بغضّ النظر عن انتماءاتهم.
أما التيار الآخر، فضمّ منظمات حقوقية ومؤسسات مؤيدة لفلسطين، مثل "حملة التضامن مع فلسطين"، التي اعتبرت أن السماح لجماهير مكابي بالحضور "يتناقض مع الضمير الإنساني"، ودعت إلى منع الفرق الإسرائيلية من المشاركة في البطولات الأوروبية إلى حين وقف "الانتهاكات في غزة".

وفي خضم هذا الانقسام الشعبي، وجدت الحكومة البريطانية نفسها عالقة بين طرفين متناقضين؛ فهي من جهة تؤكد رفضها القاطع لأي مظاهر من معاداة السامية، ومن جهة أخرى تواجه ضغوطًا متزايدة من الرأي العام البريطاني الذي يطالب بموقف أخلاقي أكثر حزمًا تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية.

الجدل لم يتوقف عند حدود السياسة أو الرياضة، بل امتد إلى نقاشات ثقافية واجتماعية أعمق، حيث تساءل البعض:
هل أصبحت الملاعب البريطانية مساحة لتصفية الحسابات السياسية؟
وهل يمكن لمبدأ "حرية المشجع" أن يتغلب على الحسّ الإنساني في ظل مشاهد الحرب والمعاناة التي تصل يوميًا من غزة؟

منظمات المجتمع المدني البريطانية دخلت هي الأخرى على الخط؛ فبينما دافع المجلس القيادي اليهودي عن حق جماهير مكابي في الحضور بوصفه جزءًا من "الحرية الدينية"، أصدرت منظمات طلابية وحقوقية بيانات ترفض استضافة الأندية الإسرائيلية في البلاد، معتبرة ذلك "استفزازًا لمشاعر الشارع البريطاني المتضامن مع الفلسطينيين".

ويرى محللون أن ما حدث في قضية أستون فيلا ومكابي يعكس الانقسام الأعمق في الرأي العام البريطاني تجاه الصراع في الشرق الأوسط. فهناك جيل جديد من الشباب البريطاني بات أكثر انخراطًا في القضايا الإنسانية والحقوقية، وأكثر انتقادًا للسياسات الغربية المنحازة، وهو ما يفسر حجم التفاعل الشعبي مع القضية عبر الإنترنت والمظاهرات الداعمة لفلسطين في شوارع لندن وبرمنغهام ومانشستر.

وبينما تحاول الحكومة ضبط إيقاع المواقف الرسمية للحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية، يبدو أن المباراة المرتقبة تحولت إلى رمز لصراع القيم داخل المجتمع البريطاني؛ صراع بين التعاطف الإنساني، والحرص على الحياد، والخوف من اتهامات بمعاداة السامية.

هكذا خرجت المواجهة بين أستون فيلا ومكابي تل أبيب من إطار المستطيل الأخضر، لتصبح قضية مجتمعية تمس صورة بريطانيا نفسها: دولة تُرفع فيها شعارات الحرية، لكنها تجد نفسها اليوم أمام اختبار صعب بين الضمير الإنساني والالتزامات السياسية.