نتفليكس تدخل عالم البودكاست المرئي بشراكة مع سبوتيفاي

أعلنت منصتا نتفليكس وسبوتيفاي عن اتفاقية شراكة استراتيجية لنقل مجموعة من البودكاستات المرئية الشهيرة من مكتبة سبوتيفاي إلى شاشة نتفليكس، لتبدأ التجربة من الولايات المتحدة مطلع عام 2026 قبل أن تمتد إلى أسواق أخرى حول العالم.
وبموجب الاتفاق، ستعرض نتفليكس مجموعة مختارة من البودكاستات الرياضية والثقافية وبودكاستات أسلوب الحياة والجرائم الحقيقية، وهي أنواع المحتوى التي تشهد إقبالًا واسعًا في السنوات الأخيرة.
وتشمل الدفعة الأولى من العروض تسعة برامج رياضية بارزة من إنتاج Spotify Studios وThe Ringer، من بينها The Bill Simmons Podcast وThe Zach Lowe Show وFairway Rollin’ وThe Ringer’s F1 Show، إلى جانب برامج تغطي بطولات الدوري الأمريكي لكرة القدم NFL ودوري كرة السلة NBA وكرة القدم الخيالية.
كما ستُعرض على نتفليكس مجموعة من البودكاستات غير الرياضية التي تحظى بجماهيرية واسعة، من أبرزها The Rewatchables وThe Recipe Club وDissect وConspiracy Theories وSerial Killers، وهي برامج تتميز بطابعها التحليلي والسردي الجذاب الذي جعلها من أكثر الإنتاجات استماعًا على سبوتيفاي خلال السنوات الماضية.
وترى نتفليكس في هذه الخطوة فرصة لتوسيع نطاق محتواها خارج حدود الدراما والوثائقيات، إذ تُعد البودكاستات امتدادًا طبيعيًا لتجربة المشاهدة على المنصة.
وذكرت الشركة أن بعض البرامج الجديدة ستُعرض جنبًا إلى جنب مع عروض نتفليكس الأصلية، مثل The Ringer F1 Show الذي سيُطرح إلى جانب السلسلة الشهيرة Drive to Survive، في محاولة لخلق تجربة متكاملة تربط بين محتوى الشاشة والمحتوى الصوتي المرئي.
أما بالنسبة لسبوتيفاي، فالاتفاق يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز حضورها البصري وجذب مشاهدين جدد لمحتواها الأصلي، في وقت تواجه فيه منافسة متزايدة من منصات مثل يوتيوب ميوزيك وآبل بودكاست وأمازون. فمن خلال التعاون مع نتفليكس، يمكن لسبوتيفاي الوصول إلى جمهور جديد من المشاهدين الذين قد لا يستخدمون تطبيقات البث الصوتي، لكنها تراهن على أن يجذبهم الشكل المرئي للبودكاست.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تأتي في توقيت حساس يشهد فيه السوق تحولًا واضحًا نحو دمج الصوت بالصورة. فبعدما أصبحت مشاهدة مقاطع الفيديو عبر يوتيوب نشاطًا يوميًا لملايين المستخدمين حول العالم، تسعى نتفليكس بدورها إلى اقتحام هذا المجال الذي كان حكرًا على جوجل. وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن المشاهدين يقضون وقتًا متزايدًا في متابعة برامج البودكاست المرئية، ليس فقط كمصدر للترفيه بل كبديل للتلفزيون التقليدي.
وتشير الخطوة أيضًا إلى رغبة نتفليكس في تنويع محتواها لمواكبة تغير عادات المشاهدة بعد تراجع الإقبال على بعض أنواع الإنتاج التلفزيوني. ومع انتشار خدمات البث مثل ديزني بلس وأمازون برايم، أصبح الحفاظ على ولاء المستخدمين يتطلب محتوى متنوعًا ومناسبًا لمختلف الأذواق، وهو ما يتيحه التعاون مع سبوتيفاي التي تمتلك مكتبة ضخمة من البرامج الحوارية والتحليلية.
وتعليقًا على الاتفاق، قالت مصادر داخل سبوتيفاي إن الشركة ترى في هذه التجربة مرحلة اختبار مهمة قبل التوسع عالميًا، حيث من المقرر أن تشمل المرحلة التالية دول أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا. وأوضحت أن الهدف لا يقتصر على بث المحتوى عبر نتفليكس فقط، بل يمتد إلى ابتكار نموذج جديد يجمع بين البث الصوتي والبصري بطريقة تفاعلية قد تغيّر مستقبل البودكاست بالكامل.
الجدير بالذكر أن صناعة البودكاست تشهد نموًا متسارعًا في السنوات الأخيرة، إذ تجاوز عدد المستمعين عالميًا حاجز الـ600 مليون شخص وفق أحدث التقارير، بينما تشير التوقعات إلى أن الإيرادات الإعلانية في هذا القطاع ستتخطى 4 مليارات دولار بحلول عام 2026. ويبدو أن نتفليكس وسبوتيفاي تراهنان على هذا النمو من خلال دمج قوة الفيديو مع التأثير الصوتي في منصة واحدة.
وبينما يترقب الجمهور تفاصيل إضافية حول هذه التجربة الجديدة، يبدو واضحًا أن نتفليكس تستعد لدخول مرحلة جديدة من المنافسة لا تقتصر على الأفلام والمسلسلات فقط، بل تمتد لتشمل محتوى الحوار والصوت والسرد الوثائقي المرئي، لتصبح بذلك منصة شاملة تُخاطب المشاهد والمستمع في آنٍ واحد.