باختصار
قمة شرم الشيخ للسلام، لم تكن مجرد اجتماع سياسى عابر، بل خطوة تاريخية يتردد صداها فى أرجاء المعمورة.
من قلب مدينة السلام، انطلقت رسالة مصرية عميقة، واضحة وقوية، مفادها بأن زمن الصراع قد آن له أن ينتهى، وحان وقت وقف نزيف الدم المستمر لعقود.
اليوم، وبعد أكثر من قرن من الحروب والمعاناة التى أثقلت كاهل الفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال، استطاعت مصر أن تحقق ما بدا مستحيلًا حتى على القوى الكبرى.
جمعت الخصوم والفرقاء بحنكة ودراية على طاولة واحدة، ورسمت ملامح شرق أوسط جديد يرتكز على الحوار بدلًا من العداء، وعلى البناء لا الهدم.
أعين العالم جميعها كانت شاخصة نحو القمة، التى لم تكن مجرد تجمع دبلوماسى عابر، بل تحولت إلى حدث إنسانى محورى وتاريخى.
حدث أضاء بارقة أمل لملايين العائلات الفلسطينية التى أنهكتها سنوات طويلة من الحرب والتشرد.
وفى لحظة استثنائية ومليئة بالتأثير، شهد الجميع إعلان اتفاق السلام بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلى، اتفاق شامل جاء برعاية مصرية خالصة، يضع حدا دائما لإطلاق النار، ويفتح المعابر المغلقة منذ زمن طويل، ويطلق مشروعات إعادة إعمار غزة، ويتيح للنازحين العودة إلى ديارهم.
هذا الاتفاق اعتبره المحللون أعظم إنجاز دبلوماسى فى السنوات الأخيرة، حيث وفر فرصة لإعادة صياغة مسار العلاقات الدولية فى الشرق الأوسط.
وأعاد لمصر مكانتها البارزة كقوة دافعة نحو السلام، ومسئولة عن حماية الضمير الإنسانى بعدما فقد العالم ثقته بقدرة السياسة على تحقيق العدالة.
مصر، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثبتت مرة أخرى أنها أمة تقترن أفعالها بأقوالها.
لم تفرض القاهرة حلولًا أحادية، بل حرصت على بناء توافقات شاملة تخدم المنطقة بأكملها، واستطاع الرئيس السيسى بفضل حكمته وإصراره وشجاعته السياسية، أن يطفئ جذور الفتنة المشتعلة لعقود، ليثبت للعالم أجمع أن السلام ليس حلمًا بعيد المنال، بل خيار حقيقى يتطلب إرادة قوية ورؤية واضحة ومسئولية شجاعة.
اليوم، تقف مصر فى مقدمة المشهد العالمى مرة أخرى، ليس فقط كوسيط أو لاعب رئيسى، بل كرائدة حقيقية أعادت صياغة مفهوم السلام فى ظل عالم متخم بالعنف والانقسامات.
شرم الشيخ لم تكن مكانًا عاديًا لاجتماع دبلوماسى فحسب، بل صارت رمزًا لتاريخ جديد يُكتب ولشرق أوسط مختلف يستعيد قيمته الإنسانية وبريقه الحضارى.
وهكذا تُغلق فصول الألم والمآسى تدريجيًا بفضل هذه الجهود الجبارة، لتعود مصر مجددًا منارة للأمل ونافذة للسلام.
من هذه الأرض الطيبة ارتفع نداء العقل والحكمة؛ فاستجاب العالم لصوت مصر الذى يحمل إرث التاريخ وثقل الحاضر وحلم المستقبل.
باختصار.. فعلتها مصر رغم أن الطريق كان محفوفًا بالمخاطر، والضغوط كانت فوق الاحتمال، والتحديات كانت كجبال من النار.
فعلتها وهى تُدرك أن السلام ليس طريقًا مفروشًا بالورود، بل معركة من نوع آخر، تنتصر فيها الحكمة على العناد، والضمير على المصالح، والإنسان على الكراهية.
فعلتها مصر لأنها تحمل على عاتقها قضية الأمة وضميرها الحى، لم تساوم، لم تفرّط، ولم تخشَ إلا الله والتاريخ.
وقفت شامخة أمام العواصف، مدافعة عن حق الفلسطينى فى الحياة، وعن كرامة الإنسان فى مواجهة آلة الحرب.
فعلتها مصر لأنها لا تعرف المستحيل، ولأن فى قلبها إيمانًا لا يموت بأن من يصنع السلام أعظم ممن يخوض الحروب.
فى زمنٍ فقد فيه العالم صوته الإنسانى، كانت القاهرة وحدها تقول: كفى دماء.. كفى موتا.. كفى وجعًا.