رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

عندما كتب رونالد بارتيت الفيلسوف والناقد الفرنسى مقالته الشهيرة عام ١٩٦٧ «موت المؤلف» بدأت مدرسة نقدية حديثة فى دراسة النص والعمل الأدبى أو الفنى بمعزل عن الكاتب أو المبدع وكأن العمل الفنى قائمًا بذاته، ولديه جمالياته وخصوصيته الفنية والأدبية فكان ذلك الاتجاه ثورة فى مجال الدراسات النقدية الحديثة والمعاصرة وأغفلت قيمة الكاتب وأهمية دراسة حياته وتاريخه ومجتمعه الذى أثر سلبًا أو ايجابًا على نتاجه الإبداعي؛ على الرغم من ذلك فما زال  النص الأدبى أو العمل الفنى يحمل فى طيات وجودهما الإبداعى جينات هذا الفنان أو ذاك المبدع لأن ما أبدعه جزء أصيل من تجربته الحياتية والإبداعية، فلا يوجد نص أو عمل بلا كاتب أو مبدع.. هذا وقد يتصور البعض أن ورش العمل والكتابة هى تجربة إبداعية حديثة أبتدعها الغرب من أجل صناعة بعض الأفلام والألعاب الإلكترونية إلا انها فى الواقع تجربة تجارية ربحية أفقدت النص والإبداع قيمته فأصبح مثل الطفل أو الوليد الذى لا يعرف أباه الحقيقى الذى يمنحه ويورثه خصائصه النفسية أو الفكرية والإبداعية حاملًا جيناته وبصماته معبرًا عن مرحلة اجتماعية وسياسية فلا مطلق فى الإبداع ولا نص بدون مبدع.
اليوم نجد أنه ليس الكاتب فقط قد مات بل الناقد ذاته مات، فقد اختفى النقد الأدبى والفنى من الحياة الثقافية المصرية لأسباب متعددة منها غياب الإبداع الحقيقى المؤثر فى التجربة الثقافية ومن ثم تحول الكثير من النقاد إلى الدراسات العلمية والأكاديمية الخالصة دون تمازج مع الواقع الإبداعى النابض بالمتغيرات والتحديات والبعض من أهل علم النقد صوب علمه نحو دراسة ومناقشة الإبداعات الشبابية والإعلامية من باب المجاملات الأدبية أو الإنسانية فى غرف وصالونات وندوات مغلقة لا بصل نفعها ولا يسمع جرسها  الجمهور والمتلقى ولا تفرد لها أى مساحات فى وسائل الإعلام المرئى والمقروء والمسموع اللهم بعض صور على شبكات التواصل الاجتماعى.. ويظل الكاتب والناقد يدوران فى دوائر مغلقة لا منفذ لها …
أما النقد الفنى للسينما والدراما والمسرح فغالبًا ما يسيطر على الصفحات الفنية والشاشات الفضائية صحفيون منحوا أنفسهم حق ممارسة العملية النقدية المتخصصة بالخبرة والممارسة والسطوة الإعلامية بينما القليل منهم يكتب وينقد عن علم ودراسة وفهم ومتابعة لما يجرى عالميًا فى مجال الدراسات النقدية الحديثة والمدارس والاتجاهات الأدبية والفلسفية المؤثرة على الإبداع والإنتاج الفنى سواء سينما أو دراما تليفزيونية أو منصات أو مسرحًا أو أغنية موسيقى.
والغالبية تعتمد فى طرحها النقدى على العلاقات والمواءمات والإنطباعات الشخصية ودوائر المصالح أو المنافع حتى يظل ذلك الناقد الفنى ضيفًا على المهرجانات والحفلات والعروض المسرحية والفنية والشاشات الفضائية.
أما حال النقد السياسى فى بلادى فهو المنطقة الشائكة فكريًا المحفوفة بالمخاطر اجتماعيًا فهو طريق يؤدى إلى الانعزالية وقد يؤدى إلى فقدان الحرية باعتبار الناقد معارض وخائن للوطن أو الدين وتلك قضية أخرى… قضية النقد لا تعنى الهجوم أو الذم ولكن النقد فى تعريفه العلمى هو محاولة للفهم والإدراك من أجل كشف أغوار وفك أسرار النص الفنى أو النص الإنسانى الحياتى.. عبر أدوات التحليل والربط والتفسير والتأويل والشرح وتحديد مواطن القوة الإيجابية ونقاط الضعف السلبية... التنوير والكشف وتهذيب الذائقة النقدية بغية الوصول إلى المزيد من الاستمتاع الفكرى والوجدانى بالعمل الأدبى أو الفنى أو النص الإنسانى الحياتى.
موت الناقد فى كل المجالات يعنى موت العين الثانية والضوء الساطع اللامع الذى يرى الإبداع والإنسان بصورة أجمل وأفضل وأكثر نقاء... النقد حياة.