رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

شاهدت وسمعت فيديو فى أحد مواقع التواصل الاجتماعى، عن حديث لوزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر، وهو يكشف عن دهاء الرئيس أنور السادات فى إدارة حرب أكتوبر ٧٣، ولشدة اعجابى به قمت بتحويله إلى نص كتابى وترجمته إلى اللغة العربية وهو كالتالى:
«أحد الإخفاقات الاستخباراتية، ويجب أن أقول «إخفاقاتنا»، هو أننا لم نأخذ السادات على محمل الجد بما فيه الكفاية. لقد أجريت محادثتين سريتين مع مستشاره للأمن القومى، واحدة فى فرنسا وأخرى فى الولايات المتحدة، لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا بدء عملية سلام. وكانت نيتنا أن نبدأها بعد الانتخابات الإسرائيلية التى كانت مقررة فى نهاية أكتوبر من ذلك العام. لكن السادات، الذى خلف جمال عبدالناصر فى عام ١٩٧٠، كان يهدد بالحرب منذ سنوات. وعندما التقى بى مستشاره الأمنى للمرة الأولى، قدم عرضا، وفى نهايته قال: «إذا نجحنا، فسيدعوك الرئيس إلى القاهرة». كان هذا هو المناخ السياسى فى ذلك الوقت. عندما أصبحت وزيرا للخارجية فى نهاية سبتمبر، أى قبل أسبوعين من اندلاع الحرب، اكتشفت أن وزارة الخارجية تمتلك وحدة أبحاث استخباراتية لم أكن أعلم بوجودها. وفى أول يوم أحد لى كوزير للخارجية، ذهبت لقراءة تقاريرهم، فاكتشفت أنهم أبلغوا عن حشد فرق سورية على مرتفعات الجولان وفرق مصرية على طول قناة السويس. فسألتهم عن معنى ذلك، سألت وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) عن تفسيرهم، وسألت الاستخبارات الإسرائيلية كذلك، وكلهم فسّروا الأمر على أنه مجرد مناورات وخداع، وليس استعدادا لحرب. طلبت منهم أن يقدّموا تقريرا كل يومين، وفى كل مرة كانت النتيجة نفسها: «القوات ما زالت هناك، لكنها لا تفعل شيئًا محددا». ثم ذهبت إلى الأمم المتحدة، ولهذا السبب كنا نتحدث كثيرا عبر الهاتف خلال الأزمة، لأننى كنت أتعامل مع بدايتها من نيويورك. وفى يوم الخميس والحرب بدأت يوم السبت فى يوم الغفران (كيبور)، تلقّينا تقريرا يقول إن المستشارين السوفييت فى مصر وسوريا يغادرون البلدين. سألنا المخابرات عن السبب، فقالوا: «ربما هناك خلاف جديد بين مصر وسوريا والسوفييت». لكن لم يسأل أحد السؤال الأهم: من الذى يجعل مصر وسوريا يختلفان فى نفس الوقت مع السوفييت بحيث يدفعهما إلى طرد المستشارين السوفييت؟ وهكذا، عندما جاءنى الاتصال فى الساعة ٦:١٥ صباحا، كان أول ما قاله لى مساعد وزير الخارجية للشئون السياسية: «إذا تصرّفت بسرعة، يمكنك السيطرة على الوضع». لكن فى تلك اللحظة، كان الوضع قد خرج عن السيطرة تماما. كان المصريون يستعدّون لعبور القناة، وأرسلت لنا إسرائيل رسالة تقول فيها: «طمئنوا المصريين أننا لا نعتزم الهجوم عليهم، فإذا كانوا يهاجمون خوفا منّا، فلا داعى لذلك». استدعيت مجموعة الطوارئ فى واشنطن، وكانت تُعرف باسم «مجموعة العمل الخاصة فى واشنطن»، لتقييم الوضع. وكان تقييمهم أن إسرائيل ربما هى من بدأت الحرب، لأن العقلية السائدة كانت أن العرب غير قادرين على بدء حرب. لذلك قضينا الساعات الثلاث أو الأربع الأولى من الحرب نحاول تحليل من بدأها. ثم أجريت مكالمة مع أبا إيبان (وزير الخارجية الإسرائيلى آنذاك)، قلت له: «المصريون يقولون إنكم بدأتم عملية بحرية فى الخليج»، فقال: «لا، لا أعلم ماذا يجرى». ولم يتضح من بدأ الحرب إلا حوالى الساعة ١١ صباحا. أما إدراكنا أن الجيوش العربية حققت نجاحا كبيرا، فقد استغرق يومين إضافيين. كنت مقتنعا بأن اندلاع الحرب كان مأساة، لكننى رأيت أنه طالما اندلعت، يمكن أن نستغلها لتحقيق تقدم نحو مفاوضات عربية–إسرائيلية. ومنذ البداية، كنا مقتنعين بأن إسرائيل ستحقق انتصارا هائلا، لكن هذا لم يكن واضحا إطلاقا فى الأيام العشرة الأولى، فقد كانت إسرائيل على حافة كارثة حقيقية، وهو أمر صدمنا تماما، وصدمهم هم أيضا. لذلك قررتُ أن يكون هدفنا الفورى هو إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب، فإذا تقدّمت إسرائيل، نستخدم نفوذنا الدبلوماسى لإعادتها إلى خطوط ما قبل الحرب. وطلبنا من السوفييت ودول أخرى دعم قرار لوقف إطلاق النار على أساس خطوط ما قبل الحرب. وأجريت محادثة صعبة مع وزير الخارجية المصرى، قال فيها: «كيف تطلب منا أن نعود إلى ما قبل الحرب؟»، لكن على أى حال، كان هذا هو الموقف. لذلك أرسلنا رسالة إلى الإسرائيليين، ورسالة أخرى إلى المصريين ندعو فيها إلى بدء مفاوضات مباشرة بين مصر وإسرائيل، وهو أمر لم يحدث من قبل، وأبلغنا الإسرائيليين أنه إذا لم يسمحوا بمرور القافلة التى تحمل الغذاء والماء والدواء إلى الجيش الثالث قبل الساعة الثامنة صباحا فى اليوم التالى، فسنضطر إلى التصويت ضدهم فى الأمم المتحدة. وفى المقابل، تلقّينا رسالة من جولدا مائير، وكانت غير ودّية على الإطلاق ردا على موقفنا. وأثناء تبادل هذه الرسائل، قبل المصريون اقتراحنا بإجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وهذا بدوره سبّب أزمة صغيرة جديدة، لأن هناك سوء تفاهم حول المكان الذى ستُعقد فيه المحادثات، لكننا تمكّنا فى النهاية من حلّ ذلك. وبعد أن هدأ الموقف، تم إرسال القافلة إلى الجيش الثالث المصرى، وانطلقت أول مفاوضات مباشرة بين مصر وإسرائيل. ومن هذه المحادثات خرجت ثلاث اتفاقيات لاحقا، تُوّجت باتفاقية السلام بين البلدين.

محافظ المنوفية الأسبق