الهدهد
في مقطع فيديو قصير أصابتني الدهشة والحسرة على أشخاصٍ من المفترض أنهم سيمثلون الشعب في البرلمان القادم.
مشاجرات بالأيدي، وشتائم، وتمزيق ملابس، وكأنها" خناقة شوارع"، لا مشهدًا لبدء الترشح لانتخابات مجلس النواب ممن يمثلون الأمة وارادة الشعب.
وإذا كنا نحن كمصريين قد شعرنا بالأسى لما رأيناه، فماذا سيقول عنا الرأي العام الخارجي والإعلام الغربي المتربص بنا؟!
للأسف، لم يعد كثير من المرشحين لمجلس النواب نابعاً من حس وطني أو سعياً لخدمة البلاد، أو صوتًا مدافعًا عن هموم الشعب وأهالي دوائرهم.
بل إن معظمهم حشد كل ما أوتي من قوة ، من أجل الوجاهة السياسية والاجتماعية، والمكاسب المادية، والامتيازات الخاصة، والحصانة والنفوذ.
وبات أقصى أمانيهم أن يسبق اسمهم "سيادة النائب "، لا أن يسبقهم ضميرهم لخدمة وطنهم.
حتى الأحزاب السياسية، لم تعد – في أغلبها – تختار مرشحيها على أساس النزاهة والكفاءة، ولا لأنها ترى فيهم صُنّاع المستقبل أو المدافعين عن حقوق الناس، بل أصبحت تختار من يدفع أكثر، ومن هو أكثر ولاءً وأعزُّ نفرًا!
زمان، كان المرشحون يدخلون الانتخابات بدافع الغيرة على الوطن وخدمة المواطن.
كان هدفهم الأول مصلحة البلد، والسعي لحل مشاكل الناس وتحسين الخدمات، وتمثيل أصوات المواطنين بأمانة.
كان النائب يُنظر إليه كـ خادمٍ للشعب، يحمل هموم الناس في المجلس، ويدافع عن حقوقهم بصدق وإخلاص.
كان الترشح مسؤولية وطنية، لا وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية
عراقة الحياة النيابية في مصر تجعلنا نتحسر على “أشباه المرشحين” الذين لا يعرفون، ولا يملكون، أيّ مقوماتٍ تؤهلهم لتمثيل الشعب أو حماية الوطن.
ولأن المستشار حازم بدوي، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، يعلم بوجود هذه النماذج، فقد راهن في كلمته – خلال المؤتمر الصحفي للإعلان عن الجدول الزمني للانتخابات – على وعي وإدراك الناخب المصري،
مؤكدًا أن الناخب لا يمنح صوته إلا لمن يستحق، ولمن يرى فيه الجدية والنزاهة والرؤية الواضحة، لا لمن يرفع الشعارات الجوفاء.
كما وجّه حديثه للأحزاب السياسية قائلاً:
“انطلقوا من مصلحة الوطن، وارتقوا بمعايير الاختيار. لا تختاروا مرشحين لشغل مناصب، بل اختاروا صُنّاع المستقبل. اجعلوا الكفاءة والنزاهة هما المعيار قبل الولاء الحزبي، وتذكّروا أن المقعد أمانة، والاختيار مسؤولية.”
كلماتُه كانت رسالةً عميقة لكل من يهمّه أمر هذا الوطن:
حقاً..مجلس النواب ليس منصبًا ولا وجاهةً اجتماعية، بل أمانةٌ ثقيلة ومسؤولية جسيمة.
ويبقى الأمل في وعي الناخب المصري، أن يجعل من صوته سلاحًا للتصحيح، لا وسيلة لتكرار الخطأ.
Ghadamr@yahoo .com