من معاناة في وولفرهامبتون إلى المنافسة على الكرة الذهبية

شهد عام 2025 تألقًا مذهلًا للنجم البرتغالي ولاعب وسط باريس سان جيرمان فيتينيا، الذي يعيش واحدة من أفضل فتراته على الإطلاق، سواء مع ناديه الفرنسي أو مع منتخب بلاده البرتغال.
فقد كان اللاعب البالغ من العمر 25 عامًا عنصرًا أساسيًا في فوز باريس سان جيرمان بثلاثية تاريخية هذا الموسم، تضمنت التتويج بدوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخ النادي، إلى جانب بطولتي الدوري والكأس في فرنسا.
ولم يكتفِ فيتينيا بهذا الإنجاز، بل واصل تألقه مع المنتخب البرتغالي، مسهمًا في فوز البرتغال بلقب دوري الأمم الأوروبية بعد تغلبهم على إسبانيا بركلات الترجيح، حيث نجح في تسجيل إحدى الركلات الحاسمة في النهائي.
واختتم فيتينيا عامه المميز بالحصول على المركز الثالث في جائزة الكرة الذهبية، خلف الفرنسي عثمان ديمبيلي والإسباني لامين يامال، وهو إنجاز يعكس المكانة الكبيرة التي وصل إليها نجم باريس سان جيرمان في فترة وجيزة.
اليوم، يُنظر إلى فيتينيا كواحد من أفضل لاعبي الوسط في العالم، ومن المتوقع أن يكون عنصرًا أساسيًا في تشكيلة المنتخب البرتغالي لمباراته المقبلة في تصفيات كأس العالم أمام جمهورية أيرلندا.
لكن ما يثير الإعجاب هو التحول الكبير في مسيرة اللاعب، إذ لم يكن أحد يتوقع أن يصبح بين نخبة لاعبي العالم بعد أن عانى من تجربة صعبة قبل أربع سنوات فقط عندما كان معارًا إلى وولفرهامبتون الإنجليزي.
بداية صعبة في إنجلترا
انضم فيتينيا إلى أكاديمية بورتو عام 2011، وتدرج في صفوفها حتى وصل إلى الفريق الأول في يناير 2020، حين شارك لأول مرة أمام جيل فيسنتي.
وخاض بعدها سبع مباريات أخرى خلال موسم تُوّج فيه بورتو بلقب الدوري البرتغالي، لكن الأوضاع المالية للنادي أجبرت الإدارة على إعارته إلى وولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز مع خيار الشراء مقابل 17 مليون جنيه إسترليني.
وعند الإعلان عن الصفقة، وصفه رئيس وولفرهامبتون التنفيذي جيف شي بأنه "تعاقد حيوي"، فيما قال الصحفي البرتغالي نونو باربوسا إن "من المستحيل مشاهدته دون أن يذكرك بجواو موتينيو".
لكن الواقع كان مختلفًا، إذ لم يحصل فيتينيا على فرص كافية للمشاركة بسبب وجود الثنائي روبن نيفيز وجواو موتينيو في خط الوسط، كما أثرت جائحة كورونا على انسجامه مع الفريق.
شارك لأول مرة كبديل ضد شيفيلد يونايتد في سبتمبر 2020، لكنه انتظر حتى ديسمبر ليخوض أول مباراة أساسية أمام مانشستر يونايتد.
وخلال موسمه الوحيد مع وولفرهامبتون، اكتفى بـ 22 مباراة فقط وسجّل هدفًا واحدًا لا يُنسى في كأس الرابطة ضد نادي كورلي تاون عندما أحرز تسديدة رائعة من مسافة 35 ياردة.
وفي نهاية الموسم، قرر النادي الإنجليزي عدم تفعيل خيار الشراء، معتبرًا أنه رغم امتلاكه مهارات فنية مميزة، إلا أنه لم ينسجم مع أسلوب اللعب البدني في البريميرليغ.
رغم ذلك، لم يتحدث فيتينيا لاحقًا عن تجربته في إنجلترا بمرارة، بل وصفها بأنها "درس مهم" ساعده على العودة إلى بورتو بعزيمة أقوى لإثبات نفسه.
عودة الحلم إلى بورتو
عندما عاد إلى بورتو، بدأ الموسم على مقاعد البدلاء، لكن مع مرور الوقت أصبح أحد الركائز الأساسية في تشكيلة المدرب سيرجيو كونسيساو.
شارك في 47 مباراة خلال موسم 2021-2022، وساهم في فوز بورتو بثنائية الدوري والكأس، حيث سجّل هدفًا في نهائي الكأس.
كما اختير ضمن تشكيلة الموسم في الدوري البرتغالي، وفاز بجائزة أفضل لاعب شاب في البطولة.
وجاءت مكافأته الكبرى باستدعائه لأول مرة إلى المنتخب البرتغالي الأول في مارس 2022.
هذا الموسم مثّل نقطة تحول في مسيرته، إذ أصبح أحد أبرز المواهب الصاعدة في أوروبا، ما لفت أنظار الأندية الكبرى، وعلى رأسها باريس سان جيرمان، الذي ضمّه في صيف 2022 مقابل 34 مليون جنيه إسترليني.
التأقلم والنجاح في باريس
لم يكن الموسم الأول في فرنسا سهلاً على فيتينيا، فعلى الرغم من مشاركته في 48 مباراة وفوز فريقه بالدوري، إلا أن أسلوب المدرب كريستوف غالتييه، المعتمد على الثلاثي ميسي ومبابي ونيمار، لم يمنحه الحرية المطلوبة في خط الوسط، واضطر للقيام بأدوار دفاعية أكثر من المعتاد.
حتى أن بعض التقارير تحدثت عن مشادة مع ميسي في التدريبات، وهو ما نفاه اللاعب بشدة، قبل أن تتغير الأمور كليًا بوصول المدرب لويس إنريكي في صيف 2023.
رحيل ميسي ونيمار سمح لإنريكي باعتماد أسلوب جماعي يعتمد على الاستحواذ وصناعة اللعب من العمق، وهو ما أعاد لفيتينيا بريقه الحقيقي.
فقد أصبح اللاعب محور الفريق وصُنّف ضمن أفضل تشكيلتين لدوري الأبطال والدوري الفرنسي، كما ساهم في فوز باريس سان جيرمان بالثلاثية المحلية.
وفي موسم 2024-2025، تحوّل فيتينيا إلى قائد الأوركسترا الحقيقي للفريق، إذ كان أكثر من مرّر الكرات الناجحة في دوري أبطال أوروبا، وصنع هدف ديزيري دوي الثاني في الفوز التاريخي 5-0 على إنتر ميلان في النهائي.
وقال لويس إنريكي عنه مطلع العام الجاري: "فيتينيا يجسد معنى لاعب الوسط المثالي".
وهو الرأي نفسه الذي تبناه المصوتون في جائزة الكرة الذهبية، حيث حلّ في المركز الثالث بعد يامال وديمبيلي.
نجم البرتغال القادم
على المستوى الدولي، بات فيتينيا من الركائز الثابتة في وسط ميدان منتخب البرتغال، حيث خاض حتى الآن 31 مباراة دولية، وساهم في تحقيق نتائج مميزة ضمن تصفيات كأس العالم.
تتصدر البرتغال مجموعتها بالعلامة الكاملة من أول مباراتين، قبل مواجهة أيرلندا والمجر هذا الشهر، في حملة تبدو واعدة لتحقيق حلم التتويج بالمونديال المقبل.
إنجازات فيتينيا خلال عام 2025 تمثل قصة صعود مذهلة من لاعب شاب عانى في وولفرهامبتون إلى نجم عالمي ينافس على الكرة الذهبية، ويُنظر إليه اليوم كأحد أكثر لاعبي الوسط اكتمالاً وتأثيرًا في العالم.