تطبيق نيون لتسجيل المكالمات يتعثر بعد فضيحة أمنية تكشف بيانات المستخدمين

في واقعة جديدة تسلط الضوء على هشاشة الخصوصية في عالم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أُجبر تطبيق نيون (Neon) على التوقف عن العمل مؤقتًا بعد أيام قليلة فقط من انطلاقه، إثر اكتشاف ثغرة أمنية خطيرة كشفت بيانات المستخدمين أمام الجميع، بما في ذلك أرقام الهواتف والتسجيلات الصوتية والنصوص المرتبطة بها.
نيون كان أحد أكثر التطبيقات إثارة للجدل منذ ظهوره الأسبوع الماضي، إذ يقدم فكرة غير تقليدية: تسجيل مكالمات المستخدمين ثم منحهم مقابلًا ماديًا نظير السماح باستخدام هذه التسجيلات في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركات التقنية. بعبارة أخرى، كان التطبيق يحول المحادثات الشخصية إلى مادة خام لتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي الصوتية.
لكن هذه التجربة لم تستمر طويلًا. فقد كشف موقع TechCrunch الأمريكي المتخصص في التكنولوجيا عن وجود ثغرة أمنية كبيرة داخل التطبيق، تمكّن أي مستخدم مسجل الدخول من الوصول إلى معلومات حساسة عن مستخدمين آخرين، بما في ذلك أرقام الهواتف المسجلة، وأرقام الهواتف التي تم الاتصال بها، والتسجيلات الصوتية الكاملة لتلك المكالمات، إلى جانب النصوص التي تم تفريغها منها.
وفقًا للتقرير، تواصل الموقع مباشرة مع مؤسس التطبيق “أليكس كيام” لتنبيهه إلى الخلل الأمني الخطير. وردّ كيام في البداية بالتأكيد على أنه بدأ بالفعل في “إيقاف خوادم التطبيق مؤقتًا” لحين معالجة المشكلة، وأعلن عن إخطار المستخدمين بإيقاف الخدمة. ومع ذلك، لم يتم إبلاغهم رسميًا بطبيعة الثغرة أو المخاطر التي قد تعرضت لها بياناتهم الشخصية.
وبحسب TechCrunch، توقف تطبيق نيون عن العمل بالكامل “بمجرد” اتصال الصحفيين بالمؤسس، في إشارة إلى أن الشركة كانت على علم بالمشكلة لكنها لم تتخذ إجراءً واضحًا قبل أن تنكشف للعلن. وحتى اللحظة، لم تصدر نيون أي بيان رسمي يوضح ما إذا كانت ستُعيد إطلاق الخدمة في المستقبل أو ستتخذ إجراءات أمنية جديدة لحماية المستخدمين.
المثير في القضية أن فكرة التطبيق نفسها كانت محل نقاش واسع بين المستخدمين وخبراء الخصوصية، إذ تثير تساؤلات أخلاقية حول حدود استخدام البيانات الشخصية، خاصة عندما تتحول محادثات البشر – والتي غالبًا ما تتضمن تفاصيل خاصة أو مهنية – إلى أدوات تدريب لأنظمة الذكاء الاصطناعي دون ضمانات كافية حول تخزينها أو حذفها أو إعادة استخدامها.
ويقول مراقبون إن هذه الحادثة تعيد إلى الواجهة الجدل الدائر حول التطبيقات التي تعتمد على “اقتصاد البيانات” كمصدر دخل، فبينما يرى البعض أنها تفتح آفاقًا جديدة لتمكين المستخدمين من الاستفادة ماديًا من بياناتهم، يرى آخرون أنها باب مفتوح لانتهاك الخصوصية وتبادل المعلومات الحساسة في سوق غير منظم.
حتى الآن، لم يُعرف ما إذا كانت البيانات التي تم الكشف عنها قد وصلت إلى أطراف خارجية أو تم تداولها، لكن توقف التطبيق المفاجئ بعد أقل من أسبوع من إطلاقه يُعد مؤشرًا قويًا على حجم الأزمة.
ويُتوقع أن تواجه نيون موجة من الانتقادات وربما دعاوى قانونية في حال تضرر أي من المستخدمين نتيجة التسريب، خصوصًا أن التطبيق لم يتخذ – وفقًا للتقرير – الخطوات المعتادة لإبلاغ المستخدمين رسميًا بخرق البيانات، كما تنص عليه القوانين في عدد من الدول.
يُذكر أن موقع TechCrunch أشار في ختام تقريره إلى أن متابعة تطورات القضية ما زالت جارية، ودعا المستخدمين الذين جربوا التطبيق إلى مراجعة حساباتهم وحذف أي بيانات مرتبطة به كإجراء احترازي.
بهذا، يتحول نيون من تجربة واعدة في عالم الذكاء الاصطناعي إلى مثال جديد على مخاطر السباق المحموم بين الابتكار والخصوصية، حيث يبدو أن حدود الأمان لا تزال أضعف من الطموحات التقنية المتسارعة.