ليلة كييف.. الجرح الذي غير محمد صلاح

هناك لحظات في كرة القدم لا تُمحى، لحظات تُعيد تعريف اللاعبين والجماهير وحتى معنى اللعبة نفسها. بالنسبة لمحمد صلاح، كانت تلك اللحظة في نهائي دوري أبطال أوروبا، كييف 2018.
دخل صلاح الملعب وهو في قمة مجده، محمولًا على أكتاف موسم استثنائي قاد فيه ليفربول إلى النهائي، وسجل أكثر من 40 هدفًا، كان رمز الأمل لجماهير الريدز، وحلمًا مؤجَّلًا لمصر بأكملها. ثم جاء التحام واحد، شدّة ذراع، سقوط أرضي، وكتف مخلوع، انتهى الحلم في الدقيقة 30، بعد ألتحامه مع سيرجيو راموس مدافع ريال مدريد.
خرج صلاح باكيًا، والعالم كله شاهد كيف تحول الأمل إلى دموع، ريال مدريد احتفل باللقب، وراموس اكتفى بتبريرات باردة، لكن الأثر الأعمق لم يكن في النتيجة فقط؛ بل في ما زرعته تلك الليلة في قلب صلاح.
بعد سنوات من الصمت الدبلوماسي، جاء اعتراف صلاح الأخير عن واقعة راموس قائلا: "بعض اللاعبين يفضلون أن يُصيبك على أن يخسروا أمامك"، جملة تختصر درسًا قاسيًا تعلمه، كرة القدم ليست دائمًا لعبة الاحترام، أحيانًا تصبح حربًا مقنّعة بقوانين.
ومع ذلك، لم يستسلم صلاح للجراح، في الموسم التالي، عاد أكثر قوة، وقف في نهائي مدريد 2019 وسجّل هدفًا حاسمًا، كأنه يكتب خاتمة جديدة لرحلة بدأت بألم.
كييف كانت جرحًا، لكنها أيضًا كانت لحظة ولادة جديدة. جعلت صلاح أكثر وعيًا، أكثر صلابة، وأكثر تصميمًا على أن يُكتب اسمه في التاريخ، لا كلاعب عابر، بل كأسطورة صمدت أمام أقسى الامتحانات.