فتحت مصر ذراعيها واحتضنت الأشقاء من العراق، واليمن، ثم سوريا، وانتهاء بالسودان. محافظة الجيزة كانت صاحبة النصيب الأكبر فى احتضان الأخوة الوافدين من السودان الشقيق سكنا وعملا وتجارة؛ لكن كما الحال مع الأخوة السوريين، بدأ الأشقاء من السودان فور استقرار الإقامة العديد من الأنشطة التجارية وفى مقدمتها بالطبع المطاعم والأفران، ومع هذا التنوع السكانى، ازدهرت مطاعم ومحال تقدم المأكولات السودانية الأصيلة، وهى إضافة مرحب بها تثرى المشهد الثقافى والغذائى للمحافظة. ولكن، خلف رائحة «الكسرة» و«العصيدة» الشهية، يكمن سؤال ملح وحرج لا يمكن تجاهله: من يراقب جودة وصحة هذه المطاعم؟
والسؤال الثانى، هل حصلت كل تلك المطاعم والأفران على التراخيص الواجب الحصول عليها شأنها فى ذلك شأن المطاعم المصرية. فى مصر الرقابة على المطاعم والأغذية والمأكولات تخضع لسلطة الهيئة القومية لسلامة الغذاء، وهى هيئة مستقلة، مسؤولية الإشراف والرقابة على المطاعم فى جميع محافظات مصر، بهدف حماية المستهلك وضمان سلامة الأغذية. وكذلك إدارة مراقبة الأغذية التابعة لمديريات الصحة بالمحافظات والمنوط بها – كما هو موضح بموقع وزارة الصحة والسكان - حماية المستهلكين من الأغذية غير الصحية والضارة والمغشوشة. وبما أنها داخل المحافظات، فالمحافظة مسؤولة كجهة تنفيذية على متابعة ورقابة كل ما هو فى نطاق المحافظة، وتقويم المخالفات إن وجدت.
فى الآونة الأخيرة يركز محافظ الجيزة، المهندس عادل النجار، بشكل كبير على الجولات الميدانية المفاجئة، وغالباً ما يقوم بها سيرًا على الأقدام ودون حراسة ليرصد الأوضاع بنفسه بعيداً عن الجولات الرسمية التقليدية. هذه الجولات شملت مناطق وأحياء مختلفة، وكان لها تأثير مباشر وسريع على عدد من المسؤولين بعيدا عن «لقطة التريند» و«المنظرة».
أدعو السيد المحافظ النشط لوضع حى العمرانية الشرقية على جدول تلك الزيارات المفاجئة؛ ومع الأسف فالمخالفات فى الحى وشوارعه على كل شكل ولون لا ضابط ولا رابط؛ مطاعم عشوائية أسفل العقارات السكنية. بلا ترخيص ولا رقابة. تحولت لقنابل موقوتة تهدد الصحة وتلوث البيئة. إهمال فى النظافة ومخلفات كارثية تنذر بأوبئة، وروائح خانقة وضوضاء مستمرة تسلب الناس حقهم فى السكينة والعيش الآمن داخل بيوتهم. وهى تجسيد لفشل تنفيذى وإداري؛ لأن استمرار هذه المطاعم فى العمل علناً دون ضابط أو رابط، يشير إلى قصور خطير فى أداء الأجهزة التنفيذية والمراقبين الصحيين على مستوى الأحياء. أما على مستوى النظافة فلا تعليق؛ يكفى للسيد المحافظ أن يفاجئ شارع الشهيد حسنى إسماعيل عيد (مكتب بريد العمرانية الشرقية سابقاً) المتفرع من ترعة الزمر الرئيسى، وعلى بعد أمتار قليلة من مدرسة عثمان بن عفان الابتدائية، أمام مقر مكتب البريد السابق تحول لنقطة لتجميع وفرز ونبش القمامة!!! فى شارع سكنى رئيسى، الإدمان تم الاستيلاء على الرصيف والمبيت عليه من مجموعة من النباشين تظهر عليهم آثار التعاطى ومما يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن وسلامة سكان الشارع والمناطق المحيطة، إضافة إلى الأضرار البيئية الجسيمة نتيجة لتحويل الشارع إلى ساحة مفتوحة لفرز وتجميع المخلفات، وتشويه المظهر العام للمنطقة.
نأمل من محافظ الجيزة أن تكون محطته المفاجئة القادمة حى العمرانية الشرقية، لرصد الفوضى والمخالفات واتخاذ قرارات فورية ضد أصحاب المخالفات والمسؤولين المتقاعسين عن تطبيق القانون.