رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

الاتحاد الأوروبي يضغط على عمالقة التكنولوجيا لمواجهة الاحتيال الإلكتروني وسط تهديدات بغرامات ضخمة

بوابة الوفد الإلكترونية

 في خطوة جديدة لتشديد الرقابة على المنصات الرقمية الكبرى، طالب الاتحاد الأوروبي شركات آبل وجوجل ومايكروسوفت بتقديم تفسيرات واضحة حول كيفية مكافحتهم لعمليات الاحتيال المالي المنتشرة عبر الإنترنت، ويأتي هذا الإجراء ضمن جهود تطبيق قانون الخدمات الرقمية (DSA)، الذي يفرض على شركات التكنولوجيا التزامات صارمة تتعلق بالشفافية ومكافحة المحتوى غير القانوني.

 وبحسب ما ذكرته صحيفة فاينانشيال تايمز، لم تقتصر المطالب الأوروبية على هذه الشركات الثلاث فقط، بل شملت أيضًا شركة بوكينغ هولدينغز، المالكة لموقع بوكينغ.كوم، حيث طُلب منها توضيح الآليات المتبعة للتعامل مع الإعلانات المزيفة المتعلقة بخدمات الإقامة. كما تستهدف الجهات التنظيمية الأوروبية مراجعة تطبيقات البنوك المزيفة المنتشرة في متجر آبل للتطبيقات ومتجر جوجل بلاي، بالإضافة إلى نتائج البحث المزيفة في محرك جوجل ومحرك بينغ التابع لمايكروسوفت.

 وأوضح هينّا فيركونن، رئيس قسم التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي، أن الجرائم الإلكترونية تتزايد بوتيرة مقلقة، وأن المنصات الإلكترونية مطالبة ببذل جهد أكبر لرصد المحتوى الاحتيالي ومنعه. وأشار إلى أن الخسائر الناجمة عن الاحتيال الإلكتروني في الاتحاد الأوروبي تتجاوز 4 مليارات يورو سنويًا، أي ما يعادل نحو 4.7 مليار دولار. وأضاف أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنفيذ عمليات الاحتيال جعل مهمة كشفها أكثر تعقيدًا، الأمر الذي يتطلب تعاونًا وثيقًا بين المنصات والجهات التنظيمية.

 ويمنح قانون الخدمات الرقمية الشركات المعنية فترة زمنية لتقديم ردودها وتوضيح سياساتها، إلا أن القانون يفرض في الوقت نفسه غرامات قد تصل إلى 6% من الإيرادات السنوية العالمية في حال ثبوت تقاعسها عن مكافحة المحتوى غير القانوني أو المعلومات المضللة. وهو ما يعني أن الشركات التكنولوجية العملاقة باتت تواجه ضغوطًا مالية وقانونية متزايدة في القارة الأوروبية.

 وتأتي هذه الخطوة ضمن سياق أوسع من الإجراءات الصارمة التي تتخذها بروكسل تجاه شركات التكنولوجيا الأمريكية. ففي وقت سابق من العام الجاري، فرضت المفوضية الأوروبية غرامات مالية على آبل وميتا بلغت 570 مليون دولار و228 مليون دولار على التوالي، بدعوى انتهاكهما لقانون الأسواق الرقمية (DMA)، وهو الإطار التشريعي الذي تم اعتماده إلى جانب قانون الخدمات الرقمية في عام 2022 لتنظيم عمل المنصات الإلكترونية الكبرى. الشركتان استأنفتا تلك الغرامات، لكن ذلك لم يخفف من حدة التوتر بين بروكسل و"وادي السيليكون".

 وتضاعفت حدة المواجهة مع الغرامة القياسية الأخيرة التي بلغت 3.5 مليار دولار وفرضت على جوجل بسبب انتهاكات متعلقة بمكافحة الاحتكار. هذه الغرامة أثارت ردود فعل غاضبة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اعتبر أن الاتحاد الأوروبي يستهدف شركات التكنولوجيا الأمريكية بشكل غير عادل. وذهب ترامب أبعد من ذلك ملوحًا بفتح تحقيق تجاري ضد الاتحاد الأوروبي بدعوى ممارساته "التمييزية" في حق الشركات الأمريكية العاملة في قطاع التكنولوجيا.

 المشهد الحالي يعكس تصاعد الصراع بين الاتحاد الأوروبي وعملاق التكنولوجيا العالمي، حيث تحاول بروكسل فرض ضوابط أكثر صرامة على أنشطة هذه الشركات بهدف حماية المستهلكين الأوروبيين والحد من المخاطر المالية والأمنية الناجمة عن الاحتيال الإلكتروني. في المقابل، ترى الشركات الأمريكية أن هذه القوانين تقييدية وقد تعيق الابتكار، بينما يعتبرها المسؤولون الأوروبيون ضرورة لضمان بيئة رقمية آمنة وشفافة.

 ومع استمرار تبادل الضغوط بين بروكسل وواشنطن، يبقى مستقبل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وقطاع التكنولوجيا الأمريكي مفتوحًا على سيناريوهات متعددة، خاصة في ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بالأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وانتشار الجرائم الإلكترونية.