رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

نور

من الضرورى التأكيد على أن الفلسطينيين هم أصحاب القرار الحاسم فيما يتعلق بخطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. لهم أن يقبلوها أو يرفضوها.. وأن يتحملوا نتائج وتبعات القبول أو الرفض.. ولكننا نتحدث ونناقش قضيتهم مثلما نفعل منذ 77 عاما، من منطلق الحرص على مصالح شعب شقيق، وجيران، يوجد بيننا وبينهم أواصر نسب ودم.. وبيننا حدود تجعل لنا الحق فى اتخاذ المواقف التى تدعم أمننا القومى وكيفية حمايته.

هذه بداية ضرورية حتى لا يُفهم ما نقوله على أنه تدخل أو توجيه للفلسطينيين لكى يحددوا موقفهم من الخطة طبقًا لما نراه نحن.. وإن كنت أنا شخصيًا أبحث منذ عامين عن سبب مُقنع لما فعلته حماس يوم 7 أكتوبر!! فقد قامت بتمكين الثعلب بمخالبه الحادة من أطفال غزة وسكانها وحدودها وبيوتها وأرضها وبحرها بلا مقابل!!

نعود للحديث عن خطة ترامب..

من وجهة نظرى أن هذه الخطة يوجد فيها ثغرات قد تؤدى إلى رضوخ قطاع غَزة لسيطرة الولايات المتحدة وإسرائيل (بشكل رسمى) فى إطار الخطة التى ستحكم القطاع وتوجهاته ومصالحه تحت مسمى المظلة الدولية.. وقد تطول مدة السيطرة والهيمنة لفترة طويلة.. فترة قد تتغير فيها الأمور لصالح الجانب الإسرائيلى اقتصاديًا وعسكريًا وجغرافيًا بما يُخل بموازين القوى على الأرض!!

تبدأ الخطة ببند يقول (ستكون غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب لا تُشكل تهديدًا لجيرانها) وهذا النص لم يحدد مفهوم الإرهاب ولا عناصره، فقد نتفق على أن العنف الذى مارسته حماس ضد الفلسطينيين المخالفين لها فى التوجه هو إرهاب واضح.. كما أن قتل المدنيين إرهابٌ لايقبل الجدل.. ولكن مقاومة المحتل حتى لو بالاعتصام والتظاهر والكلام.. سيصبح إرهابًا من وجهة نظر الخطة التى تجاهلت إرهاب الدولة الذى تتبناه إسرائيل.. ليس فى مواجهة غزة فحسب ولكن فى مواجهة دول كاملة السيادة.. فقد استباحت تل أبيب أراضى لبنان وسوريا وتسعى لاحتلال الضفة الغربية ولم يحاسبها أحد رغم مخالفة هذه التصرفات للمواثيق والقانون الدولى.. فهل تتضمن الخطة ما يردعها إذا ما عاودت الإرهاب؟!! أيضًا لم تحدد الخطة من هم الجيران الذين تسعى الخطة لعدم تهديدهم بإرهاب قادم من غَزة!! فأصغر طفل فى الشرق الأوسط يعرف أن جيران غَزة هما مصر وإسرائيل فقط ولا يوجد جارٌ ثالث.. فلماذا لم يتم تحديد اسميهما ونقول (مصر وإسرائيل) على سبيل الحصر أو أن يتم ذكر النص صراحة (حماية إسرائيل) من حماس بدلًا من اللف والدوران.. وبالمناسبة مصر التى عانت من حماس عقب رحيل الإخوان عن السلطة لم تجد من يساعدها بخطة أو مبادرة.. وإن كانت هى الآن قادرة على حماية نفسها بنفسها سواء من إسرائيل أو من عناصر حماس.. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه: من يضمن ألا تقوم إسرائيل(التى صنعت حماس) بتخليق عناصر فى المستقبل من هوامش حماس وأن يكون لهذه العناصر هدفًا محددًا وهو التواجد فى سيناء للإغارة على غّزة الجديدة (حتى لو كانت مدة زرع هذه العناصر طويلة الأمد وتصل لعشرين وثلاثين سنة) فى هذه الحالة ستجد إسرائيل مبررًا لاحتلال غَزة الجديدة (التى ستصبح منطقة اقتصادية مهمة طبقًا للخطة) بدعوى مخالفة بنود الاتفاق.. وهنا يتم إعادة مشروع التهجير للحياة تحت ذريعة حماية غَزة (نفسها) من الإرهاب القادم من سيناء؟ هذا مجرد تصور عابر فى ذهنى فكرت فيه بطريقة قادة إسرائيل!! وبالتالى وبناءًا على هذا التخوف من استمرار إسرائيل فى ألاعيبها يجب أن يكون للشركاء العرب قرار فى هذه الخطة وأن يكون لديهم من الأدوات (عبر نص صريح يجرم تصرف تل أبيب وحدها) ما يمنع إسرائيل من تكرار جرائمها السابقة سواء بالتحرك عسكريًا بطريقة منفردة أو اتخاذ إجراءات تخص غَزة دون الرجوع لباقى الشركاء.. مع اشتراط وجود منطقة عازلة بينها وبين غَزة وأن تكون هذه المنطقة داخل الحدود الإسرائيلية الحالية.

تقول الخطة أيضًا.. (توافق حماس والفصائل الأخرى على عدم الاضطلاع بأى دورٍ فى حكم غزة، سواءً بشكل مباشرٍ أو غير مباشرٍ أو بأى شكلٍ من الأشكال، وسيتم تدمير جميع البنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بما فى ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة، ولن يُعاد بناؤها، وستكون هناك عملية لنزع السلاح من غزة تحت إشراف مراقبين مستقلين، والتى ستشمل وضع الأسلحة بشكلٍ دائمٍ خارج نطاق الاستخدام من خلال عمليةٍ متفقٍ عليها لتفكيكها، وبدعمٍ من برنامجٍ لإعادة الشراء وإعادة الإدماج بتمويلٍ دولى، ويتم التحقق منه جميعًا من قِبل المراقبين المستقلين، وستلتزم غزة الجديدة التزامًا كاملًا ببناء اقتصادٍ مزدهرٍ والتعايش السلمى مع جيرانها) وهذه الصيغة تعنى تحويل غَزة لمدينة بلاهوية فلسطينية وتحويل حماس إلى طرف قائم بذاته بعيدًا عن السلطة القائمة بالفعل والتى يطلق عليها نتنياهو (حركة فتح) رافضًا وصفها بالسلطة ولذلك يجب أن نعود لقراءة جملة (عدم اضطلاع حماس والفصائل الأخرى بأى دورٍ فى حكم غزة) فهذا النص الوارد فى الخطة فيه وأدٌ صريح للدولة الفلسطينية وعزلٌ لغزة بعيدًا عن هذه الدولة وهو مايمثل خطرًا كبيرًا على القضية بعدما ساندت معظم دول العالم إنشاء الدولة وإقامتها واعترفت بها منذ أيام فى الأمم المتحدة،وهذا النص بصيغته الحالية هو نصٌ مُضاد لفكرة الدولة بل أن مضمونه فيه اقتصاص لمساحة غَزة من هذه الدولة التى مازالت مجرد مشروع على الورق، وهذا النص فيه تنبيه إيضًا لنية الولايات المتحدة وإسرائيل،ففى حالة زيادة الضغوط عليهما لإقامة الدولة ستكون النية الأمريكية الإسرائيلية أن تصبح فلسطين هى (الضفة) وكفى.. أما غَزة فتصبح مثل (تايوان) التى تم اقتطاعها من الصين!! وبالتالى فإن وجود نص صريح على دور الدولة الفلسطينية فى هذه الخطة هو ما سوف يطمئننا على عدم المناورة والالتفاف على حل الدولتين، وهو الطرح الدولى الغالب والذى مازالت أمريكا وإسرائيل ترفضانه،أما ما قاله نتنياهو بأن (عدم القبول بهذه الخطة سيجعلنا ننفذ أهدافنا بنفسنا) فلا يمكن وصفه إلا بأنه تهديد ووعيد لايقل وقاحة عن قتله للمدنيين العُزل وللأطفال بدم بارد.. وهى مقولة تعنى (إما غزة تحت سيطرة الأمريكيين واسرائيل..وإما سيكون الموت هو مصير الغزاويين)!!

هذه مجرد ملاحظات على ثغرات يجب تعديلها فى الخطة إذا كانت الولايات المتحدة تريد سلامًا حقيقيًا.