«ترامب» و«نتنياهو» بين العزلة الدولية وصفقة السلام المعلقة
«اكسيوس»: البيت الأبيض يفقد صبره والرئيس الأمريكى يلوّح بالانقلاب على «نتنياهو»
وصف اجتماع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكى دونالد ترمب أمس بأنه الأكثر حساسية منذ بداية الحرب. كما يأتى اللقاء فى وقت تواجه فيه إسرائيل عزلة دولية متزايدة وفقدان دعم دول كانت تعد من أقرب حلفائها بينما يبدو ائتلاف نتنياهو الحاكم فى الداخل على شفا الانهيار. البيت الأبيض من جانبه يظهر إشارات متزايدة على نفاد الصبر من استمرار العمليات العسكرية.
ترامب الذى وفر غطاء سياسيا وعسكريا لنتنياهو طوال الحرب لمح فى منشور على منصته إلى أن الشرق الأوسط على موعد مع حدث استثنائى وصفه بالإنجاز التاريخى. وقال إن الفرصة متاحة لتحقيق ما أسماه العظمة فى المنطقة مؤكدا أن الجميع على أهبة الاستعداد لشىء غير مسبوق. ومن المقرر أن يلتقى نتنياهو ترامب فى المكتب البيضاوى مساء أمس الاثنين مع توقع عقد مؤتمر صحفى مشترك فى وقت لاحق.
من المتوقع أن يحظى نتنياهو بترحيب حار فى واشنطن مقارنة بالاستقبال البارد فى الأمم المتحدة حيث انسحب عدد من المندوبين احتجاجا على خطابه. وخلال كلمته شن هجوما لاذعا على قرار بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا ودول أخرى الاعتراف بفلسطين معتبرا ذلك قرارا مشينا بينما قالت تلك الدول إن خطوتها ضرورية لإحياء حل الدولتين وإنهاء الحرب.
اعتبر ترامب أن هذه الخطوات تمنح جائزة لحماس لكنه كشف لوكالة رويترز أنه يسعى للحصول على موافقة نتنياهو على إطار لإنهاء الحرب وتحرير الرهائن. وأكد أن ردود الفعل إيجابية للغاية لأن بيبى يريد الصفقة مثل الجميع. وأشاد ترامب بدور مصر السعودية وقطر والإمارات والأردن فى المساعدة قائلا إن الاتفاق يهدف إلى ما هو أبعد من غزة نحو سلام أوسع فى الشرق الأوسط.
ومن جانبه قال مستشار لترامب شارك فى إعداد الخطط لموقع اكسيوس أن العرب وافقوا عليها بنسبة ١٠٠٪ والآن ينتظر البيت الأبيض من ترامب أن يمارس سحره على نتنياهو.
وأوضح المستشار أن الرأى السائد داخل الإدارة الأمريكية هو أنه إذا رفض نتنياهو الاتفاق فسيكون مسئولا عن استمرار الحرب وتمكين حماس وعدم تقديم اى مساعدة للفلسطينيين الذين يعيشون أزمة إنسانية هائلة. وأضاف أن الناس سيستمرون فى الجوع معبرا عن أمله فى أن يتم التوصل إلى تسوية.
ورغم كل ذلك لم يسبق لترامب أن وجه اللوم علنا إلى نتنياهو بسبب إطالة الحرب مع حماس أو فشله فى التوصل إلى اتفاق لتحرير الرهائن المتبقين لكن بعض مساعديه يعتقدون أن رفضه هذه المرة قد يدفع ترامب إلى الانقلاب عليه خاصة أن الدعم لإسرائيل وللحرب فى غزة تراجع إلى مستويات غير مسبوقة حتى داخل البيت الأبيض وعالم جعل أمريكا عظيمة مجددا.
وقال مسئول فى الإدارة مطلع على محادثات السلام أن الجميع يشعرون بالغضب من بيبى فى إشارة إلى نتنياهو بينما حذر بعض مستشارى ترامب من أن عملية السلام فى غزة تمثل اختبارا لمصداقيته على الساحة الدولية وأكد أحدهم أن كل ما يسعى ترامب لتحقيقه فى الشرق الأوسط سيبقى مهددا ما لم يتمكن من اقناع نتنياهو بإنهاء الحرب.
فى هذا السياق التقى مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف وصهر ترامب جاريد كوشنر مع نتنياهو فى نيويورك لعدة ساعات لمحاولة سد الفجوات بين واشنطن وتل أبيب بشأن خطة ترامب للسلام المكونة من واحد وعشرين بندا وقال مستشار لترامب إن ويتكوف وكوشنر كادا ينفدان من صبرهما تجاه نتنياهو. وأضاف أن الأول ركز على التعامل مع إسرائيل بينما تولى الثانى التفاوض مع الدول العربية لكن كلاهما وصل إلى حافة اليأس من الموقف الإسرائيلى.
ويرى المسئولون الأمريكيون والإسرائيليون أن نتنياهو يقف الآن أمام خيار صعب بين رغبة ترامب فى وقف الحرب وبين ضغوط شركائه القوميين المتطرفين داخل الائتلاف الحاكم الذين يطالبونه بمواصلة القتال وهو ما انحاز اليه مرارا فى السابق.
ويعتبر التدخل فى السياسة الداخلية الأمريكية أحد الأسباب التى فاقمت غضب دوائر ترامب من نتنياهو فخلال وجوده فى الأمم المتحدة يوم الجمعة التقى رئيس الوزراء الإسرائيلى بعدد من المؤثرين المحافظين المقربين من ترامب وطلب منهم المساعدة فى القتال عبر الانترنت لصالح إسرائيل وقال فى الاجتماع إن أهم سلاح هو وسائل التواصل الاجتماعى مشيرا إلى منصتى اكس وتيك توك.
وفى مقابلات أجريت مع موقع اكسيوس هذا الشهر عبر مستشارو ترامب عن حيرتهم من هوس نتنياهو الغريب بالخطاب السياسى الأمريكى عبر الإنترنت وقال مسئول فى البيت الأبيض لا نستطيع فهم ما يخطط له هذا الرجل عليه أن يركز على إسرائيل وعلى غزة ويتوقف عن التدخل فى السياسة الداخلية الأمريكية ويتوقف عن الحديث عن تاكر أو جلب المؤثرين ليكونوا دعاية له فهذا لا يفيده ولا يفيد اسرائيل وبالتأكيد لا يساعد فى الوصول إلى اتفاق سلام.
وتوقع الباحث عوديد عيلام أن يضغط ترامب من أجل وقف دائم لإطلاق النار وهو ما قد يضطر نتنياهو لفرض خطوط حمراء مثل تفكيك حماس وضمان حرية عمل الجيش فى غزة إذا عادت الحركة للقتال. نتنياهو كان قد تعهد مرارا بمواصلة الهجوم حتى القضاء على حماس ما يجعله أمام خيارات صعبة.
وفى السياق اعتبر مايكل دوران من معهد هدسون أن تصريحات ترامب كانت خطوة ذكية سمحت لنتنياهو بمقاومة ضغوط حلفائه المتشددين فى الداخل وأظهرت فى الوقت نفسه تجاوبا مع الحلفاء العرب.
الخطة الأمريكية بحسب ثلاثة مسئولين عرب مطلعين تتألف من 21 بندا أبرزها وقف فورى لإطلاق النار والإفراج عن جميع الأسرى خلال 48 ساعة وانسحاب تدريجى للقوات الإسرائيلية من غزة. وتشمل أيضا إنهاء حكم حماس ونزع سلاحها وتشكيل لجنة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة الشئون المدنية تمهيدا لتسليمها لاحقا لسلطة فلسطينية معدلة بالإضافة إلى إنشاء قوة أمنية دولية. كما تنص على إفراج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين بينهم محكومون بالمؤبد.
نتنياهو اعترف بالخطة الأمريكية فى مقابلة مع قناة فوكس نيوز وأكد أن المسئولين الإسرائيليين يعملون مع فريق ترامب معربا عن أمله فى تحقيق تقدم. وفى خطابه بالأمم المتحدة وصف ترامب بأنه الشريك الأساسى الذى يفهم أكثر من أى زعيم آخر التهديدات المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة.