دعيت على سيدة مؤذية بالسرطان.. هل دعائي جائز شرعًا؟ الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول حكم الدعاء على المؤذي، حيث قال السائل: «يوجد سيدة قريبة لأحد الأشخاص ينطبق عليها وصف ألدّ الخصم، فاحشة القول، بذيئة اللسان، تؤذي جيرانها، وقد سبّتني بألفاظ غير أخلاقية على مرأى ومسمع من الكثيرين، وهذا ليس أول موقف منها، وفي لحظة ضيق وضعف لجأت إلى الله، فقمت الليل وصليت ركعتين ودعوت عليها أن يصيبها الله بمرض السرطان، وألححت في الدعاء، فما حكم الشرع في هذا؟»
سلوك محرَّم وإثم بيّن
أوضحت دار الإفتاء في ردها أن سلوك هذه السيدة ــ كما ورد في السؤال ــ يُعَد إثمًا ومعصية وخروجًا عن طاعة الله ورسوله، حيث إنها تؤذي جيرانها وتسبهم بألفاظ غير أخلاقية، وهذا منهيٌّ عنه شرعًا، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه» [رواه البخاري]، وهو ما يؤكد عِظَم حقّ الجار ووجوب حفظه.
الدعاء بالمرض لا يجوز
بيّنت دار الإفتاء أن الدعاء على الغير بمرض أو بلاء لا ينبغي، لأنه يتضمن إيذاءً للمسلم وإضرارًا به، وهذا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» [رواه الإمام مالك]. كما أن الدعاء بالشر لا يليق بخلق المسلم، إذ الأصل أن يردَّ السيئة بالحسنة، ويقابل الإساءة بالعفو والدعاء بالهداية، اقتداءً بقوله تعالى:
*﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ • وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 34-35].
الواجب الشرعي تجاه الإساءة
شددت دار الإفتاء على أن الأولى في مثل هذه المواقف أن يلتزم المسلم بأدب الشرع، فيقابل الإساءة بالإحسان، ويكثر من الدعاء للمؤذي بالهداية والرشاد، لعل قلبه يلين ويتوب إلى الله. وإن لم يرتدع واستمر في الإيذاء، فليس أمام المتضرر إلا اللجوء إلى القضاء لردّ الحقوق وردع الظلم.
أكدت دار الإفتاء أن ما قامت به السيدة من سبٍّ جارها بذيء اللسان معصية وإثم عظيم، لكن الدعاء عليها بالمرض لا يجوز شرعًا لأنه إضرار بالمسلم، بل المستحب الدعاء لها بالهداية ومقابلة السيئة بالحسنة، وإن استمرت في الإساءة فلا حرج من رفع الأمر للقضاء.