للمرة الأولى.. تطوير بدلة سباحة مقاومة لعضات أسماك القرش
نجح فريق من الباحثين في تطوير بدلة غطس متقدمة تتمتع بقدرة غير مسبوقة على مقاومة لعان أسماك القرش، بما في ذلك أسماك القرش البيضاء الكبيرة التي تُعد من أخطر الكائنات المفترسة في المحيطات.
وتمثل البدلة الجديدة نقطة تحول في عالم السلامة البحرية، خصوصًا بالنسبة لهواة السباحة وركوب الأمواج والغوص في المياه المفتوحة.
مواد متقدمة بتصميم مرن وعملي:

تعتمد البدلة على ألياف قوية وخفيفة الوزن تُستخدم عادة في حبال الإبحار، إلى جانب مادة البولي إيثيلين عالي الوزن الجزيئي، ما يجعلها مقاومة بشكل ملحوظ للتمزق والثقب، هذه المواد توفر توازنًا مثاليًا بين المرونة والحماية، بعكس بدلات البريد المتسلسل الثقيلة التي تُستخدم أحيانًا لأغراض الحماية ولكنها تعيق الحركة.
اختبارات صارمة تثبت الكفاءة:

أُجريت اختبارات ميدانية صارمة على المادة الجديدة، بما في ذلك محاكاة لهجوم قرش أبيض ضخم على البدلة، ورغم شراسة العضة، ظلت المادة سليمة تقريبًا، وهو ما يعزز إمكانية استخدامها الفعلي لإنقاذ الأرواح.
وأكد البروفيسور تشارلي هوفينيرز، قائد فريق البحث في مجموعة علم بيئة أسماك القرش الجنوبية، أن "البدلة لا تلغي الخطر كليًا، لكنها تقلل من حجم الإصابات والنزيف، ما قد يكون كافيًا لإنقاذ حياة الشخص المصاب".
مقارنة بين بدلات متعددة وإثبات تفوق التقنية الجديدة:
في دراستهم، قارن الباحثون بين أربع مواد مقاومة للدغات: Aqua Armour، وShark Stop، وActionTX–S، وBrewster.
وأظهرت النتائج أن جميع هذه المواد كانت فعالة في تقليل الأذى الجسيم مقارنة ببدلات النيوبرين التقليدية، التي لا توفر حماية كافية ضد العضات العنيفة.
وقال الدكتور توم كلارك من جامعة فلندرز: "حتى اللدغات المتوسطة والشديدة من أسماك القرش البيضاء أو النمرية تم احتواؤها بدرجة كبيرة بواسطة هذه البدلات".
في مواجهة التهديد المتزايد لأسماك القرش:
يأتي هذا التطور في وقت حساس، حيث أظهرت تقارير عالمية ارتفاعًا مقلقًا في هجمات أسماك القرش المميتة عام 2023، مع تسجيل 10 حالات وفاة مقارنة بخمس فقط في العام السابق.
ويشير العلماء إلى أن هذا الارتفاع يرتبط بازدياد عدد الأشخاص الذين يرتادون المحيطات، إلى جانب تطور نظم التبليغ والإبلاغ عن الحوادث.
نحو حلول غير قاتلة للتعامل مع الخطر البحري:
يبدي الباحثون أملهم في أن يسهم هذا الابتكار في تحويل استراتيجيات الحماية من أسماك القرش بعيدًا عن الوسائل القاتلة، مثل الصيد الجماعي، إلى بدائل تكنولوجية لا تُلحق الضرر بالكائنات البحرية. "ما توصلنا إليه قد يكون نقطة انطلاق نحو استخدام أكثر أخلاقية وفعالية في مواجهة التهديدات البحرية، دون أن يكون ذلك على حساب البيئة"، يضيف الدكتور كلارك.
أسماك القرش: كفاءة قاتلة، ولكنها مهددة:
رغم خوف البشر منها، تبقى أسماك القرش من أكثر الكائنات المفترسة فعالية في الطبيعة، إذ تطورت على مدى 200 مليون عام دون تغييرات جوهرية.
وتمتلك أسنانًا حادة قد يصل طولها إلى بوصتين ونصف، وتبلغ سرعتها تحت الماء 25 إلى 60 ميلاً في الساعة، ما يجعلها أسرع بكثير من أي سباح بشري.
ورغم ذلك، فإن عددًا هائلًا منها يُقتل سنويًا، إذ تشير التقديرات إلى أن البشر يتسببون في نفوق ما يصل إلى مليون سمكة قرش سنويًا، غالبًا من أجل زعانفها فقط.
نقلة نوعية في أمان البحر:
إذا ما تم تعميم استخدام هذه البدلات الجديدة، فقد نشهد تحولًا حقيقيًا في تجربة الترفيه البحري، من خلال تقليل خطر الهجمات بشكل كبير دون الحاجة إلى الإضرار بالحياة البحرية. وبينما لا توجد وسيلة للقضاء التام على الخطر، فإن هذا الابتكار يقترب خطوة نحو بحر أكثر أمانًا للبشر وأكثر عدلاً للكائنات التي تسكنه.