جوجل تتحرك بقوة لمكافحة الصور غير المرغوب فيها
أعلنت شركة جوجل عن تعاونها مع منظمة بريطانية غير ربحية متخصصة في مواجهة الصور الحميمة غير المقبولة (NCII)، ويأتي ذلك في خطوة جديدة تؤكد التزامها بحماية خصوصية المستخدمين ومكافحة ما يُعرف بإباحية الانتقام.
هذه الشراكة تهدف إلى تعزيز الأمان الرقمي من خلال الاستعانة بتقنية البصمات الرقمية المعروفة باسم "StopNCII Hashes"، التي ستدخل حيز التنفيذ خلال الأشهر المقبلة.
الآلية تقوم على مبدأ بسيط وفعّال: إذا كان لدى المستخدم صورة شخصية لا يرغب بظهورها على الإنترنت، يمكنه رفعها عبر خدمة StopNCII، التي بدورها لا تحفظ الصورة نفسها بل تنشئ بصمة رقمية مميزة للملف.
هذه البصمة تُشارك مع منصات الإنترنت الكبرى المشاركة في المبادرة، مثل جوجل وميتا وريديت ومايكروسوفت بينغ وسناب، وحتى مواقع بالغة الحساسية مثل Pornhub وOnlyFans. وبمجرد محاولة أي طرف رفع هذه الصورة إلى الإنترنت، تُكتشف البصمة ويُمنع نشرها أو يُحذف المحتوى مباشرة قبل أن يصل إلى أعين المستخدمين.
هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في حماية الأفراد من الابتزاز الإلكتروني أو محاولات التشهير، خاصة أن الصور الحميمة أصبحت سلاحًا يستخدمه بعض الأشخاص للإضرار بغيرهم بعد انتهاء العلاقات، التقنية الجديدة تمنح الضحايا وسيلة استباقية للدفاع عن أنفسهم، إذ لم يعد عليهم الانتظار حتى تنتشر الصور أو تبدأ الأزمة، بل يمكنهم منع ظهورها أصلًا.
ومع ذلك، تبقى المنظومة محدودة بعدة جوانب. فهي لا تعمل إلا على الصور المعروفة التي يملك الضحية نسخة منها، ما يعني أن الصور غير المتاحة له لا يمكن إضافتها إلى قاعدة البيانات، كذلك، لا تغطي الخدمة المحتويات المزيفة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، مثل الصور المعدلة بعمق أو مقاطع الفيديو المفبركة، كما أنها لا تدعم المحادثات النصية أو التسجيلات الصوتية.
إضافة إلى ذلك، يشترط نجاح النظام أن تكون المنصة المستخدمة ضمن قائمة الشركاء، فإذا قام شخص برفع المحتوى إلى موقع غير متعاون مع StopNCII، فإن الضحية سيضطر للجوء إلى وسائل قانونية أو تقنيات أخرى لإزالة الصورة.
لكن رغم هذه التحديات، يظل المشروع خطوة مهمة ضمن سلسلة من الجهود التي تقودها جوجل لحماية المستخدمين. فمنذ عشر سنوات، أطلقت الشركة نظامًا لتلقي طلبات حذف المواد الإباحية الانتقامية. وفي عام 2024، أدخلت تحسينات كبيرة لمكافحة المحتويات المزيفة التي يتم إنشاؤها عبر الذكاء الاصطناعي. ووفقًا لغريفين هانت، مدير منتجات جوجل، فإن حجم الإنترنت الهائل يجعل من المستحيل السيطرة الكاملة على هذه الظاهرة، لكنه شدد على أن الشركة تسعى باستمرار لتخفيف الأعباء عن المتضررين.
الخدمة متاحة حاليًا للأشخاص البالغين (18 عامًا فما فوق) الذين يملكون صورًا حميمة يرغبون في منع انتشارها، وللبدء، يمكن للضحايا زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بـ StopNCII وتقديم طلب لإنشاء بصمات رقمية لصورهم. من المهم التأكيد أن الصور نفسها لا تغادر جهاز المستخدم، مما يحافظ على خصوصيته بشكل كامل، إذ تُرسل البصمات فقط إلى قاعدة البيانات المشتركة بين المنصات المشاركة.
هذه المبادرة تضع جوجل وبقية الشركات التكنولوجية الكبرى في موقع أكثر مسؤولية تجاه حماية الأفراد من الاستغلال الرقمي، ومع استمرار توسع استخدام الذكاء الاصطناعي وتزايد التهديدات الإلكترونية، يبدو أن التعاون بين المؤسسات الخاصة والمنظمات غير الربحية سيكون السلاح الأقوى لضمان فضاء رقمي أكثر أمانًا.
السؤال المطروح الآن هو: هل تكفي هذه الخطوة لتقليل حجم الظاهرة أم أننا بحاجة إلى تشريعات أكثر صرامة تجبر جميع المنصات على الالتزام بمثل هذه المبادرات؟ الإجابة ستكشفها السنوات القادمة، لكن الأكيد أن المستخدمين باتوا يملكون وسيلة دفاعية جديدة تمنحهم بعض الطمأنينة في عالم افتراضي يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.