حكم زواج النفحة ومفهومه بالشرع الشريف.. الإفتاء توضح
زواج النفحة.. أوضحت دار الإفتاء المصرية أن عقد النكاح المسمى بـ "زواج النفحة" يحرم إبرامه ابتداء؛ لما ينطوي عليه من مفاسد كبرى أهمها غياب الولي وعدم التوثيق الرسمي، وإخفاؤه وعدم إعلانه، وجعل نسب الأولاد إلى أبيهم راجع إلى الاختيار والتشهي، مؤكدة أن ُّ هذا مخالف للمقاصد الشرعية المعتبرة المرعية في عقد الزواج التي جاءت بها الشريعة الإسلامية من المودة، والرحمة، والسكن، وحفظ الحقوق، ودفع المفاسد، ومنع الاحتيال، ونفي التهم، وإزالة الشبهات.
بيان كيفية ضبط الشرع الغرائز الإنسانية بالأمر بالزواج:
وأضافت الإفتاء أن الإسلام عندما أمر بالزواجِ ورغَّبَ فيه راعى الغرائزَ الفطريةَ في الإنسان، فلم يَكبِتها، ولم يُقِم أمر الدِّين على الرهبانية، فشرع الزواج ورغَّب فيه، وأمر به كلَّ مَن مَلَك أُهْبَته، فعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» متفق عليه.
حكم ما يسمى بزواج النفحة
وقد أحاط الشرعُ الشريفُ عقد الزواج بسياجٍ من الشروط والأركان لتحقيق مقصد الاستخلاف والإعمار، والديمومة والاستمرار؛ لينأى بالبشر عن استغلال الغريزة واللهاث خلف الشهوة، وليقرِّر كرامة المرأة ويُعلِيَ شأنها، وليفرق بها بين النكاح الصحيح وبين السِّفاح.
ما يلزم لبيان حكم عقد زواج النفحة
وقالت الإفتاء إن إطلاق الناسِ على عقدِ الزواج أسماء جديدة لا يُؤثِّر على حل العقد أو حرمته؛ فمِن أَجْل الحُكْم على عقدِ زواجٍ بالحل أو الحرمة لا بُدَّ من تَصوُّرٍ صحيحٍ لمضمونه، دون إغراق النَّظَر لحَدَاثة اسمه، وهذا يجعل الكلام في واقعة السؤال على جهات أربعة:
الأولى: مدى صحة تزويج المرأة البالغة نفسها من غير إذن وليها؟
الثانية: مدى صحة العقد الذي لم يوثق فيه عقد الزواج؟
الثالثة: الزواج سرًّا دون إعلان.
الرابعة: احتمالية الاعتراف بالأبناء عند حدوث حمل.
زواج النفحة
وأكدت الإفتاء أن الفقهاء قد اختلفوا في صحة تزويج المرأة البالغة نفسها من غير إذن وليها، فذهب جمهور الفقهاء إلى عدم صحة عقد الزواج الذي تزوج فيه المرأة نفسها من غير ولي، بكرًا كانت أو ثيِّبًا، كاملة الأهلية أو ناقصتها.
قال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (3/ 266، ط. دار الفكر): [(وركنه) أي النكاح... (ولي) للمرأة بشروطه الآتية فلا ينعقد نكاح بدونه] اهـ.
زواج النفحة بالشرع
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (7/ 236، ط. دار إحياء التراث): [(لا تزوج امرأة نفسها) ولو (بإذن) من وليها (ولا غيرها) ولو (بوكالة) من الولي] اهـ.
وقال الإمام البهوتي في "كشاف القناع" (11/ 258، ط. وزارة العدل السعودية): [الشرط (الثالث: الولي، فلا) يصح (نكاح إلا بولي)] اهـ.
زواج النفحة عند الفقهاء
وذهب الحنفية إلى أنه يُستَحبُّ لها أن توكِّلَ مِن أوليائها مَن يلي عقد نكاحها، ويُستَحبُّ أن توكِّلَ الأقرب من أوليائها؛ لأنَّ القُرب له اعتبارٌ في جملة الأحكام، وخروجًا مِن خلاف مَن أوجب وجود الولي في العقد، فإن زوَّجَت نَفْسها كان عقد الزواج صحيحًا ونافذًا شرعًا، وإن كان فِعلُها هذا خلافَ المستحب.
قال العلَّامة المَرْغِيناني في "الهداية" (1/ 191، ط. دار إحياء التراث العربي): [وينعقدُ نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها وليٌّ، بكرًا كانت أو ثيبًا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، في ظاهر الرواية] اهـ.
وقال العلَّامة الزيلعي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (2/ 117، ط. الأميرية): [قال رحمه الله: (نفذ نكاح حرَّةٍ مكلفة بلا ولي)، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف في ظاهر الرواية] اهـ.







