تحقيق رسمي يلاحق تسلا بسبب أبوابها الكهربائية.. هل تهدد حياة الركاب؟
بدأت الصحافة العالمية تضغط على شركة تسلا، وبعد أقل من أسبوع من نشر تقرير تحذيري لوكالة بلومبرغ حول ما وُصف بـ"أبواب تسلا الخطيرة"، أعلنت إدارة السلامة الوطنية للمرور والطرق السريعة في الولايات المتحدة (NHTSA) أنها فتحت تحقيقًا رسميًا في آلية عمل الأبواب الكهربائية لسيارات الشركة.
القضية تتعلق تحديدًا بتوقف الأبواب عن العمل في حال تعطل بطارية السيارة ذات الجهد المنخفض، وهو ما يثير مخاوف واسعة حول سلامة السائقين والركاب.
التحقيق سيبدأ بسيارة Tesla Model Y لعام 2021 التي يبلغ عددها نحو 174,290 سيارة في السوق الأمريكية، لكن الهيئة لم تستبعد أن يمتد التحقيق إلى طرازات أخرى، باعتبار أن جميع سيارات تسلا تعتمد على نفس فكرة المقابض الكهربائية للأبواب، وهو ما قد يشكل تهديدًا واسع النطاق للشركة التي طالما ارتبط اسمها بالابتكار والتكنولوجيا المتقدمة.
أبواب أنيقة.. لكن الأمان مفقود
تعتمد تسلا في تصميمها على مقابض أبواب كهربائية تعمل عبر بطارية 12 فولت، هذا التصميم الأنيق ساعد في تعزيز جاذبية سيارات الشركة، إلا أن العيب الأساسي يكمن في غياب ضمانات الأمان عند حدوث خلل في البطارية، فبينما وفرت الشركة نظامًا ميكانيكيًا احتياطيًا لفتح الأبواب يدويًا، إلا أن موقع هذه الآلية يختلف من طراز إلى آخر وغالبًا ما يكون غير بديهي.
وفي حالات الطوارئ، يصبح الأمر أكثر خطورة إذا كان الراكب طفلًا أو حيوانًا أليفًا لا يستطيع الوصول إلى آلية الفتح.
وأوضحت الهيئة الأمريكية في ملخصها الرسمي: "رغم تزويد سيارات تسلا بأدوات فتح يدوية، إلا أنه في بعض الحالات قد لا يتمكن الأطفال أو الركاب من الوصول إليها أو استخدامها، مما يزيد من خطورة الموقف في حالات الطوارئ."
قصص مأساوية تعزز المخاوف
التقارير الميدانية عززت هذه المخاوف، إذ وثقت بلومبرغ حوادث مؤلمة لضحايا لم يتمكنوا من الخروج من سيارات تسلا عند تعطل الأبواب. ففي عام 2023، واجه رجال الإطفاء صعوبة في فتح أبواب سيارة Model Y مشتعلة، فيما بقيت سيدة محاصرة بداخلها بسبب الوسائد الهوائية، ما أدى إلى إصابتها بحروق خطيرة واستنشاق دخان سام تسبب في تلف رئتيها.
وفي نوفمبر الماضي، لقي ثلاثة طلاب جامعيون حتفهم في كاليفورنيا بعد احتجازهم داخل سيارة Cybertruck مشتعلة. وفي ولاية ويسكونسن، قضى خمسة أشخاص آخرون داخل سيارة Model S حيث عُثر عليهم متكدسين في المقعد الأمامي، في مشهد يوحي بمحاولتهم المستميتة للهروب.
أما في ربيع 2025، فقد تمكن لاعب كرة السلة الجامعي أليجاه أريناس من النجاة بعد أن كسر نافذة سيارته Cybertruck بيديه عندما اشتعلت فيها النيران. ورغم نجاته، دخل في غيبوبة اصطناعية بسبب كمية الدخان المستنشق.
شكاوى متزايدة وتحقيق متسع
وبحسب بيانات NHTSA، فقد تلقت الهيئة منذ عام 2018 أكثر من 140 شكوى من مستخدمي تسلا بشأن أعطال متكررة في الأبواب. كما استندت في قرارها الأخير إلى تسعة تقارير رسمية أبرزت خطورة الموقف، من بينها أربع حالات اضطر فيها الركاب إلى كسر الزجاج للخروج من السيارة.
وتعتبر الإدارة أن احتجاز الركاب داخل السيارة – خصوصًا الأطفال – أمر بالغ الخطورة، خاصة في سيناريوهات مثل اندلاع الحرائق أو ارتفاع الحرارة داخل المركبات المتوقفة.
تحدٍ جديد أمام تسلا
هذا التحقيق يضع تسلا أمام تحدٍ كبير قد يكلفها مليارات الدولارات إذا ما ثبتت مسؤوليتها عن هذا الخلل التصميمي. فالابتكار لا يكفي وحده لبناء الثقة مع المستهلكين، بل إن عامل الأمان سيظل المقياس الأول لأي سيارة. ومع تزايد المنافسة في سوق السيارات الكهربائية عالميًا، فإن أي خلل في سمعة الشركة قد يمنح منافسيها فرصة ذهبية لتعزيز مكانتهم.
في النهاية، يبدو أن السؤال الأهم لم يعد: هل تستطيع تسلا الإبهار بتصميماتها المستقبلية؟ بل أصبح: هل تستطيع تسلا حماية أرواح ركابها قبل أي شيء آخر؟