رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

منذ اللحظة الأولى لاشتعال حرب غزة فى أكتوبر 2023 وُضعت مصر أمام امتحان قاسٍ، إما أن تتحول إلى بوابة لتمرير مشروع قديم جديد، وإما أن تتمسك بثوابتها مهما كان الثمن، الضغوط لم تكن تصريحات عابرة ولا مجرد رسائل دبلوماسية لكنها وصلت حد الابتزاز الاقتصادى والسياسى، بل وتدشين ماكينة شائعات منظمة أرادت ضرب صورة القاهرة وتشويه موقفها.

لكن مصر كعادتها فى اللحظات الفارقة لم ترتبك ولم تساوم ولم تخضع وأعلنتها واضحة لا تهجير لا تنازل لا تفريط فى السيادة ولا فى جوهر القضية الفلسطينية

المخطط الذى حاول البعض تمريره تحت عنوان الحل العملى لأزمة غزة لم يكن سوى إعادة إنتاج لمشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، البعض أراده حلاً مؤقتاً لكنه فى حقيقته جريمة تاريخية تسقط الهوية الفلسطينية وتُفخخ الأمن المصرى معاً، من هنا جاء الرد القاطع لمصر، الرفض المطلق سواء بالترغيب أو بالترهيب.

القاهرة لم تكتف بالشعارات والتصريحات بل تحركت على الأرض فى مسارين متوازيين الأول سياسى ودبلوماسى عبر بناء موقف عربى وإقليمى صلب فى مواجهة سيناريو التهجير، والثانى أمنى وميدانى عبر إحكام السيطرة على حدودها الشرقية ومنع أى محاولات لتسلل يفرض أمراً واقعاً جديداً، بهذا المعنى كان الثبات المصرى موقفاً استراتيجياً مدروساً من خبراء فى مثل تلك المؤامرات.

العالم وقتها كان غارقاً فى ازدواجية معايير فاضحة، قوى كبرى تغض الطرف عن جرائم الإبادة فى غزة ثم ترفع أصابعها فى وجه مصر مطالبة بفتح الحدود، هنا تجلى البُعد الأخلاقى للموقف المصرى، حماية السيادة لا تعنى إغلاق الأبواب فى وجه معاناة الفلسطينيين بل تعنى مواجهة أصل الأزمة أى الاحتلال لا القبول بتسكينها فى خيام لجوء، مصر لم تقل فقط «لا للتهجير»، بل طالبت بوقف العدوان وضمان المساعدات وتثبيت حل الدولتين كطريق وحيد للسلام.

ومع ذلك لم تسلم القاهرة من حملات تشويه ممنهجة جرى تمويلها وتغذيتها من دوائر معروفة، بعضها صهيونى وبعضها من تنظيم الإخوان الدولى، لكن ما حدث كان عكس ما روجوا له، خرجت مصر أكثر صلابة وأكثر مصداقية وأكثر حضوراً فى المشهد الدولى.

القيمة الحقيقية لهذا الموقف أن القاهرة ربطت أمنها القومى بجوهر القضية الفلسطينية، التاريخ علّمها أن كل محاولة لفصل غزة عن محيطها الطبيعى تنعكس مباشرة على استقرار سيناء، وأن كل محاولة لتذويب الهوية الفلسطينية تفتح شهية التوسع الإسرائيلى، لذلك لم يكن الدفاع عن الثوابت خيارا بل ضرورة وجودية.

واليوم بعد التصويت التاريخى فى الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، تأكد أن مصر قرأت المشهد بدقة ورأت ما لم يره الآخرون، لو استجابت القاهرة للابتزاز لوجد العالم نفسه أمام كارثة، لكن ثبات مصر أبقى القضية حية وفتح الطريق أمام الاعتراف الدولى بأن لا حل إلا بدولة فلسطينية مستقلة على أرضها.

 

حفظ الله مصر حفظ الله الجيش.