حكم التعامل مع غير المسلمين شرعًا

المسلمين.. قالت دار الإفتاء المصرية إن الإسلام قدم نموذجًا فذًّا فريدًا في التعامل مع أتباع غيره من العقائد والديانات؛ لمنع نزوع النفس إلى الصراع، والظلم، والجور، فقال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ۞ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الممتحنة: 8-9].
طريقة تعامل المسلمين مع غيرهم من الأديان الأخرى:
وكذلك في مجال الحوار بين الأديان، يبسط الإسلام يده لأتباع غيره ليقطع مادة النزاع، ويقر البيئة الملائمة للتعايش والسلام؛ فيقول تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46].
ويقول تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة: 5].
حكم تعامل المسلمين مع غيرهم
وقام الإسلام بوضع توجيهاتٍ عامة تتعلق بسائر الجنس البشري وليس فقط بالمسلمين، تحفظ كرامتهم وتدعو للتعارف فيما بينهم، مما يؤكِّدُ على رؤية الإسلام الطامحة إلى إقامة حياة يملؤها السلام والوئام مع جميع الناس.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13]، وقال تعالى أيضًا: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].
وهذا التصور يأتي التطبيق النبوي ليزيده جلاءً ووضوحًا؛ ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: "إنها جنازة يهودي"، فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟» رواه البخاري، فهنا نجد بوضوح تطبيقًا عمليًّا لتكريم النفس البشرية أيًّا ما كانت عقيدتها، وهو القائل صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» رواه الترمذي، لم يختص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين دون غيرهم، بل قال «مَنْ فِي الأَرْضِ» لتشمل كل الأجناس، والديانات، وسائر الكائنات على الأرض من خلق الله، فهو صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين.
تعامل المسلمين مع بعضهم
وكانت وصاياه صلى الله عليه وآله وسلم في الحروب التي هي مظنة الانتقام معروفة مشهورة في عدم التخريب والتدمير والنهي عن قتل النساء والصبيان وغير المحاربين، كما كانت تطبيقات ذلك في العصور التالية شاهدة على التزام المسلمين بهذه القيم الرفيعة السامية التي تعبر عن سموِّ نفسٍ وفكر واعتقاد.