في زمنٍ تتسابق فيه الأمم على اقتناص فرص الريادة في التكنولوجيا والاتصالات، تُطل مصر اليوم من موقع مختلف تمامًا عما كانت عليه قبل سنوات قليلة. لم تعد دولة تسعى فقط للحاق بركب التطور، بل أصبحت – بفضل رؤية استراتيجية وعقلية علمية نادرة – مركزًا إقليميًا جاذبًا للاستثمارات الرقمية ومصدرًا للكوادر التقنية عالية الكفاءة.
وراء هذه التحولات المتسارعة، يقف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي يمكن وصفه دون مبالغة بأنه واحد من ألمع العقول التكنولوجية على مستوى العالم العربي، بل والمنطقة بأسرها. ليس مجرد مسؤول حكومي، بل مهندس نهضة رقمية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقائد يملك من الرؤية والمعرفة ما يجعله في مصافّ العلماء وصُنّاع السياسات الرقمية حول العالم.
تحت قيادته، شهدت مصر قفزات غير مسبوقة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. فصادرات خدمات التعهيد – أحد أعمدة الاقتصاد الرقمي – تضاعفت لتصل إلى 4.3 مليار دولار في 2024، بعد أن كانت 2.4 مليار دولار فقط قبل ثلاث سنوات. لم يكن هذا الرقم نتاج الصدفة، بل نتيجة تخطيط استراتيجي محكم اعتمد على بناء قدرات بشرية، وتوسيع البنية التحتية، وتحفيز الاستثمار في العقول.
واليوم، يتجاوز عدد العاملين في هذا القطاع 160 ألف متخصص، ما يعكس ليس فقط اتساع السوق، بل أيضًا جودة التدريب والتأهيل، وهو ما ظهر بوضوح في مبادرة الوزارة لتدريب 500 ألف شاب وشابة خلال عام واحد فقط، في واحدة من أضخم خطط إعداد الكوادر الرقمية في العالم.
ولا يمكن الحديث عن هذه الطفرة غير المسبوقة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات دون الإشارة إلى الدعم الكامل والثقة غير المحدودة التي يحظى بها الدكتور عمرو طلعت من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي آمن منذ اللحظة الأولى بأن التحول الرقمي ليس خيارًا، بل ضرورة قومية لبناء دولة حديثة تمتلك أدوات المستقبل.
لقد شكّلت توجيهات الرئيس السيسي خارطة طريق واضحة، مكّنت الوزير طلعت من إطلاق مشروعات كبرى وتحقيق انطلاقات مكوكية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وصناعة الإلكترونيات، والبنية التحتية الرقمية، والتوسع في التدريب وبناء الكوادر، وهو ما يؤكد أن النجاح الذي تحقق هو ثمرة لتكامل الرؤية بين قيادة سياسية تُدرك أهمية التكنولوجيا، ووزير يمتلك القدرة على التنفيذ الذكي والطموح الجريء.
هذا الدعم الرئاسي المباشر منح الوزارة القوة والديناميكية لتجاوز التحديات، وتحقيق قفزات سريعة في وقت قياسي، لترسّخ مصر مكانتها اليوم كواحدة من أكثر الدول استعدادًا لاقتصاد المستقبل، بفضل تحالف استراتيجي بين القيادة والإدارة والكفاءات الوطنية.
لكن الوزير طلعت لم يكتفِ بالتركيز على الصادرات، بل وضع نصب عينيه هدفًا أكبر: تحويل مصر إلى مركز للإنتاج التكنولوجي والصناعي في المنطقة. ويظهر ذلك بوضوح في خطة تصنيع الهواتف المحمولة محليًا، حيث تعمل الآن 14 مصنعًا داخل مصر على إنتاج 9 ملايين وحدة في عام 2025، مع توجه فعلي نحو التصدير، وهو ما يفتح لمصر أبواب أسواق إقليمية ودولية، ويمنحها وزنًا تنافسيًا حقيقيًا.
واحدة من أهم سمات الدكتور عمرو طلعت هي إيمانه العميق بأن العنصر البشري هو حجر الزاوية في أي تحول رقمي. لذلك، جاء تأسيس جامعة مصر للمعلوماتية كأول كيان تعليمي متخصص في أفريقيا يمنح شهادات مزدوجة بالشراكة مع أكبر جامعات العالم. لم تكن هذه الجامعة مجرد مشروع أكاديمي، بل تجسيد لرؤية استراتيجية تؤمن بأن المعرفة هي الطريق الأقصر إلى السيادة الرقمية.
أما على مستوى السياسات، فقد أطلقت الوزارة – برؤيته – النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى رفع مساهمة هذا القطاع إلى 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، مع التركيز على الاستخدام التنموي للتقنيات في الصحة، والعدل، والتعليم، وغيرها من القطاعات الحيوية.
في المقابل، لا يمكن تجاهل روح التعاون التي بثّها الوزير في أوصال القطاع. فقد أصبحت العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني أكثر تماسكًا، وهو ما انعكس في مناسبات مثل احتفالية جمعية "اتصال"، التي شهدت تكريم شركات ناشئة وابتكارات في الذكاء الاصطناعي، وتأكيدًا على أن الابتكار لم يعد رفاهية، بل ضرورة اقتصادية وتنموية.
إن المتأمل في تجربة الدكتور عمرو طلعت لا يسعه إلا أن يُقر بأنه أعاد تعريف دور الدولة في قيادة الثورة الرقمية، ليس بالخطط الورقية، بل بالإجراءات التنفيذية والمشروعات الواقعية. لقد أصبح اسمه مرتبطًا بمرحلة فارقة في تاريخ مصر التكنولوجي، مرحلة تحوّلت فيها الدولة من متلقٍّ للتكنولوجيا إلى منتج ومصدر ومرجع إقليمي.
ربما ستتحدث الأجيال القادمة عن هذه المرحلة بوصفها اللبنة الأولى في تأسيس مصر الرقمية الحديثة، لكن الأكيد أن من سيُذكر في صدارة هذا الإنجاز هو الدكتور عمرو طلعت، الذي أثبت أن القيادة التكنولوجية لا تتطلب فقط منصبًا، بل عقلًا استثنائيًا يعرف كيف يرى المستقبل، ويقوده بثبات وإيمان.