انطلق العام الدراسي الجديد وسط صرخات أولياء الأمور من أعباء كثيرة استجدت عليهم، كان من أبرزها مصروفات الكتب التي تضاعفت عدة مرات، تثاقل كاهل الآباء وسط تضخم وغلاء، وفي إطار البحث عن حلول، وفي محاولة لتسكين الجرح، تم اللجوء إلى المسكنات فقررت الوزارة تقسيط المصروفات على أربع دفعات، وبالتالي أصبح الوضع هتدفع يعني هتدفع لكن بالتقسيط، والحمد لله أن التقسيط سيكون بدون فوائد.. لكننا نحمد الله على حال المدارس الحكومية والتجريبية، فعلى الأقل لها وزارة تقر لهم المصروفات، أما المدارس الخاصة فحدّث ولا حرج، وهي كعادتها تكون ملكية أكثر من الملك حينما يكون الموضوع في صالحها، بينما تكون خارج الخدمة إن لم يكن الموضوع على هواها.
تلقفت المدارس الخاصة على الفور فرصة قرار الوزير بفرض كتب الوزارة إجباريا، ثم فكرت مع نفسها في الفائدة التي لن تستفيد منها، فقررت أن يكون لها من الحب 4 أنياب، فقررت كتب المدرسة، ثم أضافت لها بعض الكتيبات الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد أوراقها معاً 100 ورقة ثم ضاعفت أسعار الكتب أكثر من 7 أضعاف.
عاصرت هذه التجربة بنفسي من خلال ابنتيّ التلميذتين بالصف الثاني الابتدائي والصف الرابع الابتدائي بمدرسة المعارف الحديثة بالزيتون، فقد كان سعر الكتب بالمستوى الرفيع العام الماضي في المدرسة 600 جنيه تقريباً، وكنا نشتريها من خارج المدرسة ب 400 جنيه. لكن هذا العام بعد تطبيق قرار السيد وزير التربية والتعليم بفرض الكتب التي كانت 440 جنيها للصف الثاني الابتدائي و600 جنيه للصف الرابع الابتدائي، وقد كنا مستعدين لدفع تلك المصاريف مع البعض القليل للمستوى الرفيع ونحن نشعر ببعض الرضا لأن هذه الأموال سوف تصب في النهاية في خزينة الوزارة التي هي جزء من الدولة المصرية، لكننا فوجئنا بأن كتب الفصل الدراسي الأول للصف الثاني الابتدائي 3190 جنيها بكتب المستوى الرفيع، و 3080 جنيها للصف الرابع الابتدائي.
العجيب في الأمر أن المدرسة تكتّمت على خبر الكتب والمصروفات، ولم تعلن عنه إلا قبيل بدء الدراسة بيومين لتضع أولياء الأمور أمام الأمر الواقع.
في البداية ثار أولياء الأمور على جروبات الماميز وذهلوا من هول المبلغ، خاصة وأننا ندفع مصروفات ليست قليلة بآلاف الجنيهات، والمدرسة كعادتها في مثل هذه الأمور ودن من طين وأخرى من عجين ولا حس ولا خبر.
تركت المدرسة الناس تغلي ويرتفع ضغطها وسكرها على أمل أن يهدأوا ويستجيبوا للأمر الواقع.
توجه البعض للمدرسة فأخبروهم في البداية أن هذه قرارات الوزارة والإدارة التعليمية، وأنهم لا يفعلون شيئاً مخالفاً، ومن يريد الشكوى فليشتكِ كما يريد.
اضطر العديد من الأولياء للشراء وهما يدعون الله على المدرسة وإدارتها، بينما امتنع البعض الآخر.
كنت أنا ممن امتنعوا عن الشراء، ثم عندما أيقنت المدرسة أن البعض سوف يشتكون أرسلت من يخبرنا أن الكتب ليست إجبارية، ولكن هناك كود قد تم إلصاقه بمعرفة المدرسة على الكتب الإضافية سوف يستخدمه التلاميذ في الاستماع للشرح وحل التدريبات، وهذا الكود سوف يتم إعطاؤه لمن اشترى الكتب الإضافية من المدرسة فقط، أما الآخرون أولئك العاقون الذين رفضوا استغلالهم، فلا حظ لهم في المدرسة.
قررت أن أرسل شكوى عبر منصة شكاوى رئاسة الوزراء رغم تجاربها السيئة طوال الوقت، حيث كلما أرسلنا بها شكوى ما كانت ترد بأن الشكوى أحيلت إلى الشخص وأفاد أن ذلك لم يحدث وتغلق الشكوى على هذا وكفى الله المشتكين شر الشكوى.
في اليوم التالي ذهب البعض إلى المدرسة ومن بينهم زوجتي لمقابلة مديرة المدرسة، التي أخبرتهم أن الكتب الإضافية ليست إجبارية حاشا وكلا ألف كلا، ولكن من لم يشتر الكتب فلن يستمع للشرح، ولن يستطيع عمل الواجبات وإرسالها إلى المدرس، ولن يتساوى مع من قبل استغلال المدرسة ورضي والذي سوف يتميز عنه بالطبع.
أخبرها البعض أن حاله ضيق وأنه يدفع المصروفات بصعوبة ولن يستطيع دفع هذا المبلغ الكبير في التيرم الواحد وكأنه يتسول منها، لترد عليه (أعملكم إيه تاني منا قسطتهم لكم).. اضطر البعض أن يشتري صاغراً، ولكن لازال الآخرون يكافحون هذا وقدموا شكاوى في الإدارة التعليمية ضد هذا الاستغلال والتجبر الذي لم يوقفه أحد حتى الآن.