المواطنون النباشون فوق القانون.. شوارع الإسكندرية تحت سيطرة المهاجمين على القمامة

في قلب الإسكندرية الساحلية، حيث يفترض أن تتلألأ شوارعها بالأنوار والنظافة، يسيطر النباشون على الشوارع والحدائق والمحطات، وكأنهم فوق القانون.
أكوام القمامة تتحول إلى ثروات صغيرة لهم، والمواطنون يعيشون حالة من الرعب اليومي بين التحرش والسرقة والتعديات، بينما المسؤولون يتفرجون بصمت.
من حديقة المستشفى الإيطالي إلى محطات الترام، ومن شوارع الأحياء الشعبية إلى شوارع المدينة الرئيسية، تحولت المدينة العريقة إلى وكر للنباشين، تهدد سلامة السكان وتشوه وجه الإسكندرية الحضاري.
المواطنون .. أين رؤساء الأحياء والأجهزة التنفيذية بالإسكندرية ؟
الإسكندرية، المدينة الساحلية العريقة، شهدت خلال الأعوام الماضية تفشي ظاهرة البلطجية ونباشي القمامة، الذين يستغلون الكبارى ومحطات انتظار الترام وأتوبيسات النقل العام والطرق الرئيسية للقيام بأعمالهم.
هذا الوضع لا يهدد السلامة العامة فحسب، بل يثير مخاوف النساء والفتيات والطلاب والمغتربين، ويشوه صورة المدينة أمام سكانها وزوارها.
المواطنون يطالبون بحلول عاجلة للحد من هذه الظاهرة التي تهدد الأمن وتخلق شعورا بالخوف والرهبة، خصوصا في الليل، حيث يتعرض البعض لمضايقات أو اعتداءات.
كما أن انتشار النباشين يؤثر سلبا على حركة السياحة والاستثمار، ما يلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد المحلي ويؤثر على مستوى المعيشة.
النباشون يسيطرون على الشوارع تحت أعين المسؤولين
رصدت بوابة “الوفد” الإخبارية معاناة السكندريين مع نباشي القمامة، ووضوح ضعف الأجهزة التنفيذية في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة.
بالجولان في شوارع عروس البحر المتوسط، يتضح أن المناطق الشعبية ليست وحدها المتضررة، بل امتدت الظاهرة إلى الشوارع الرئيسية، متجاوزة كل القوانين.
قالمحمد محمود، موظف، للأسف، أصبحت الشوارع والأحياء تتحول إلى أكوام من القمامة، وهذه الظاهرة تشوه المظهر الجمالي والحضاري للمدينة.
حديقة المستشفى الإيطالي بشارع جلال الدسوقي بحي وسط، التي افتتحها اللواء محمد المحجوب وأنفقت عليها آلاف الجنيهات، تحولت إلى وكر للنباشين والمتشردين، حيث يتم فرز القمامة وبيعها، ويستخدم المكان لتناول المخدرات، وتحولت الحديقة إلى مأوى لأعمال منافية للآداب.
وأشار محمد إلى أن الشكاوى المقدمة لقسم شرطة باب شرقي وحى وسط لم تجد نفعا حتى الآن، متسائلا عن دور رئيس الحي في مواجهة هذه الأزمة.
وأضاف كل يوم نجد شابا توفي نتيجة جرعة مخدرات زائدة، كما يقوم النباشون والمتشردون بالتحرش والسرقة والاعتداء على المواطنين بالليل.

النباشون.. مهنة مربحة
أوضحتبدور السيد، مدرسة، النباشين حولوا جمع القمامة إلى مهنة للتربح، إذ يتم فرز الأكياس لاستخراج الزجاجات والبلاستيك والحديد وبيعها، وهذه الظاهرة منتشرة في جميع أحياء الإسكندرية، سواء الشعبية أو الراقية، مما يسيء للمظهر الحضاري للمدينة.
وطالبت بدور بضرورة تكثيف حملات الرقابة اليومية لمداهمة أماكن النباشين، ورفع معدلات جمع القمامة بشكل دوري لتقليل تواجدها في الشوارع، خصوصا مع موسم الشتاء، مع التركيز على منظومتي الجمع السكني والجمع من أمام الوحدات، لضمان صورة حضارية للمدينة أمام سكانها وزوارها.

شبكات منظمة للنشاط الإجرامي
قال حسام أحمد، موظف، ظاهرة النباشين أصبحت من أخطر الملفات في الإسكندرية، وامتدت من الأحياء الشعبية إلى الراقية. لديهم شبكات منظمة تستغل الفقر والبطالة وتعيق عمل شركات النظافة، ما يؤدي لتراكم القمامة وتداعيات بيئية سلبية.
واقترح حسام ضرورة تشديد العقوبات على النباشين، وفرض غرامات على من يوظفهم، مع ملاحقة الشبكات المنظمة، وتوفير فرص عمل بديلة لهم لضمان حياة كريمة تحميهم من اللجوء إلى هذه الممارسات.


أسعار فرز القمامة .. أرباح يومية
حتى الأطفال أصبحوا يعملون في مهنة النباشين. حسن عبد الله، 12 عاما، صرح نحن نعمل في هذه المهنة لتحقيق أرباح مجزية. كيلو العيش بـ4 جنيهات، الورق (الكارتون) بـ7 جنيهات، البلاستيك بـ14 جنيها، أزايز المياه بـ20 جنيها، كيلو الكانز ب75 جنيها، الصفيح بـ10 جنيهات، الحديد بـ15 جنيها، والألومنيوم الناشف (مثل طبق الدش) ب50 جنيها، والطري مثل أطباق الطبخ بـ 90 جنيها.
هذه الأسعار تعكس مدى انتشار الظاهرة واستغلال القاصرين فيها، مما يزيد من الحاجة الملحة لتحرك فوري من المسؤولين لإنقاذ المدينة.
حلول عاجلة لمواجهة كارثة النباشين
الإسكندرية تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تحرك عاجل وحاسم من جميع الأجهزة التنفيذية، لضمان أمن وسلامة المواطنين والحفاظ على وجه المدينة الحضاري، لا يمكن أن تبقى الحدائق والشوارع والميادين وكرا للنباشين والمتشردين والمخدرات، بينما المواطنين يراقبون الوضع بعين القلق.
الحل يبدأ بحملات رقابية يومية على مدار الساعة لمداهمة أماكن تواجد النباشين، ورفع معدلات جمع القمامة بشكل دوري وسريع، خصوصا في الأحياء الشعبية والمناطق الحيوية.
كما يجب تغليظ العقوبات على المتورطين وملاحقة الشبكات المنظمة التي تشجع هذه الظاهرة، مع فرض غرامات على من يوظفهم بطريقة غير قانونية.
وفي الجانب الاجتماعي، لا بد من توفير فرص عمل بديلة للنباشين، وبرامج دعم للأسر الفقيرة، لتقليل اللجوء إلى هذه المهنة الخطيرة، وتوعية المجتمع بخطورة الظاهرة وتأثيرها البيئي والاقتصادي.
الإسكندرية تستحق أن تعود نظيفة، آمنة، وجاذبة للسياحة والاستثمار، بعيدا عن أكوام القمامة وفوضى النباشين، وأن يرى سكانها وزوارها الوجه الحقيقي لمدينة العراقة والجمال، إذا لم يتحرك المسؤولون الآن، ستبقى المدينة أسيرة الفوضى، ولن تجد الشوارع ملاذا إلا لمن يسيطر عليها بالقوة والقمامة.