رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

خارج السطر

بين كل جثة وجثة صفوف من الجثث الحاكية لما كان. لم تذهب طفلة السنوات العشر مدرستها لثلاث سنوات متتاليات، لأنه لا توجد مدرسة، ولم يعد هناك بيت، ولم تبق لها أسرة. غزة هى الموت. لا مدينة ولا وجود.اسم يجدد الوجع الموروث عبر أجيال بكت من الظلم وشكت من الاضطهاد، ورفعت كلمات الحق، والعدل، والإنصاف، لكنها لم تبرح الكلام والعويل.

ثمانون عاماً نبكى تفصيل دولة الكيان الصهيونى على أرض فلسطين شبراً شبراً. ثمانون عاماً نشكو السطو على الأرض بيتاً بيتاً. ثمانون عاماً نلعن، ونشجُب، ونُرغى، ونزبد، ونُهدد، ونتوعد، ونخّوف، ونُحذر، ونُتشنج، ونتعصب، وننفعل، ونخّون، ونُكفّر، وننقسم، ونُثرثر، لكننا لا نحقق شيئاً.

مارس بنيامين نتنياهو ما قاله يوم 7 أكتوبر 2023 بأن خريطة الشرق الأوسط ستتغير. قتل السفاح الدموى ما لم يقتلهم أحد فى العالم من فلسطينيين، فهو بتعبير الكاتب اليقظ غسان شربل «مصنع جثث، ومصنع أرامل، ومصنع أيتام. لم ينتهك أحد من الخرائط قدر ما انتهك، ولم يحتقر أحد القانون الدولى كما فعل. فالفلسطينى لديه قتيل أو مشروع قتيل».

مّن قرأ تاريخه يُدرك استحالة دفعه للسلام، فهو مُعارض واضح لاتفاقية أوسلو 1992، ويرى أن مَن وقعوها أضروا بإسرائيل وأمنها، وهو ممن رفضوا انسحاب الجيش الإسرائيلى من غزة عام 2006 واعتبروه خطأ استراتيجياً، وهو ممن يجاهرون برفض حل الدولتين بكل صوره. لا دولة فلسطينية لديه حتى لو شكلية، أو منزوعة السلاح.

ليس لأنه من مواليد تل أبيب نفسها سنة 1949، ولم يفد من موطن آخر، وليس لأن شقيقه يونى قتل فى عملية عنتيبى عام 1976 عندما اختطفت الجبهة الشعبية طائرة ركاب إسرائيلية، وليس لأنه أجبر على التنازل عن جنسيته الأمريكية سنة 1982 للحصول على وظيفة دبلوماسية بإسرائيل. لكن باختياراته الإنسانية المحضة فهو رجل قتل لا رحمة. كافر بالسلام، منزوع الإنسانية، مُنعدم الحس، مُتحجر القلب، عاشق للدم، ديدنه الصراع، ومحور حياته العنف.

لذا، فإن التهجير والتصفية والقتل والمحو هى العناصر الرئيسية لتكوينه الإنسانى. ومثل هذا لا يُمكن الضغط عليه دبلوماسياً، سياسياً، عربياً، ودولياً لدفعه للسلم، والتهدئة، والصفقات. فلا بيانات الإدانة، ولا خُطب الشجب، ولا رسائل ومذكرات الاستغاثة يُمكن أن توقف صنيعه.

وهذا يعنى بيقين أن اسقاط نتنياهو، وتنحيته، وإبعاده ضرورة لازمة يجب بذل كل جهد فيها. ليس من أجل فلسطين وغزة فقط، وإنما من أجل إسرائيل أيضا، رهاناً على أولئك الذين ما زالوا يؤمنون منهم بالسلام. فما يفعل يزرع حقول كراهية تتمدد عبر التاريخ من جيل إلى جيل، ويعزل بلده عن شعوب العالم كلها نفورا وتبرؤاً. وهذه مرحلة مُهمة تسبق خطوات أهم وأهم.

فلقد عقدنا قمماً، ونظمنا إجتماعات، وكررنا مطالبات، لكننا لم نضع بعد رؤية عربية موحدة واقعية، تنطلق من تصورات عملية ممكنة يمكن اتباعها لوقف المَقتلة الفلسطينية. كانت آخر مبادرة عربية قُدمت للصراع هى مبادرة الملك عبد الله سنة 2002، والتى دعت للأرض بحدود 67 مقابل السلام. ورغم مرور ثلاثة وعشرين عاماً لم نطرح جديداً.

إننا لم نُفكر فى برنامج واحد حقيقى وعملى يقود إلى ميلاد فلسطين، لم نقم بتحرك واضح مُغاير لكل ما كان. لم يرسم لنا الخيال السياسى للمفكرين والقادة أى مسار جديد يُمكن أن يجيب عن السؤال المُلح عما يُمكن عمله جماعيا. لم نمد أذرعاً للعمل الحقيقى الجاد لتغيير الموقف، مثلما فعل ويفعل الإسرائيليون.

نحن فى حاجة إلى سيناريو جديد، يستهدف بكل وضوح ميلاد فلسطين، والسلام للمنطقة، والأمن لإسرائيل.

والله أعلم.

 

[email protected]