صلاة الكسوف.. وقتها وكيفية أدائها
يترقب المسلمون في مختلف بقاع الأرض ظاهرة كسوف الشمس أو خسوف القمر، وهما آيتان عظيمتان من آيات الله تعالى، شرع لهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاةً خاصة تُذكِّر العبد بقدرة الله وجلاله، وتدعوه إلى الرجوع والتضرع إليه بعيدًا عن الخرافات والمعتقدات الباطلة.
حكم صلاة الكسوف والخسوف
اتفق العلماء على أن صلاة الكسوف والخسوف سُنة مؤكدة، يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها. وقد ثبتت مشروعيتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها قوله:«إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ» (رواه البخاري).
وبهذا صحح النبي ﷺ ما توارثته الجاهلية من ربط هذه الظواهر بموت عظيم أو ميلاد عزيز، مؤكداً أنها آيات كونية مقصود بها تذكير العباد بربهم.
كيفية صلاة الكسوف والخسوف
صلاة الكسوف ركعتان، تُصلَّى جماعة أو فرادى، وفي كل ركعة:
قيامان وقراءتان طويلتان.
ركوعان في كل ركعة.
سجدتان بعد القيام الثاني.
وقد ورد في الصحيح عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أطال القراءة والركوع والسجود في صلاة الكسوف، ثم خطب الناس ووعظهم وذكّرهم بالله.
وقت صلاة الكسوف والخسوف
يبدأ وقتها مع بداية الكسوف أو الخسوف، وينتهي بانجلاء الظاهرة. فهي صلاة مرتبطة بسبب محدد، فإذا زال السبب انتهى وقتها.
وينادى لها بقول المؤذن: "الصلاة جامعة" دون أذان أو إقامة، لأنها صلاة عارضة مرتبطة بحدث مخصوص.
الجهر والإسرار في القراءة
في كسوف الشمس: تُقرأ الصلاة سرًا لأنها نهارية.
في خسوف القمر: تُقرأ الصلاة جهرًا لأنها ليلية.
وهذا مذهب جمهور العلماء.
صلاة الجماعة وآراء المذاهب
يرى الشافعية والحنابلة أن صلاة الكسوف تصلى جماعة في المسجد.
بينما ذهب الحنفية والمالكية إلى أن الأفضل صلاتها فرادى دون جماعة.
ومع ذلك، اتفقوا جميعًا على أن أداءها سنة مؤكدة مرتبطة بوقوع الكسوف والخسوف.
خطبة الإمام بعد الصلاة
من السُّنة أن يخطب الإمام بعد صلاة الكسوف، فيذكِّر الناس بقدرة الله، ويحُثهم على:
الإكثار من الدعاء.
الاستغفار والتوبة من الذنوب.
فعل الخير والصدقات.
التفكر في قدرة الله ورحمته.
اجتماع الكسوف مع الجمعة
إذا اجتمع كسوف الشمس مع صلاة الجمعة، يبدأ الإمام بما يقتضيه الحال:
فإن ضاق وقت الجمعة قُدِّمت الجمعة ثم صليت صلاة الكسوف بعدها.
وإن كان الوقت متسعًا، بدأ المسلمون بصلاة الكسوف ثم خطبة الجمعة، ويُذكَر شأن الكسوف ضمن الخطبة.
حضور النساء لصلاة الكسوف
ثبت في السنة أن النساء حضرن صلاة الكسوف مع النبي ﷺ، كما في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، مما يدل على استحباب مشاركة النساء في هذه الصلاة الجامعة.
الحكمة من صلاة الكسوف
أراد الإسلام أن يحوّل هذه الظواهر الكونية المهيبة إلى مناسبة إيمانية، فيقف المسلم بين يدي الله خاشعًا متفكرًا، بعيدًا عن الخرافات والتأويلات الباطلة. فهي فرصة للتوبة والرجوع إلى الله، وتذكير بأن الكون كله بيده سبحانه وتعالى.
أدعية مأثورة في صلاة الكسوف
لم يرد دعاء مخصوص للكسوف، لكن يُستحب الإكثار من الدعاء والذكر، ومن ذلك:
«اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار».
«اللهم اجعل هذا الكسوف رحمةً لنا لا عذابًا، وذكرى لنا لا نقمة».
«اللهم ردنا إليك ردًا جميلًا، واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا».
«اللهم اجعلنا ممن إذا ذُكِّر تذكَّر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أنعم عليه شكر».
«اللهم تقبل صلاتنا ودعاءنا، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين».
«يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين».