رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

حكاية وطن

منذ فترة طويلة، ومع اقتراب موعد فتح باب الترشح لعضوية مجلس النواب للفصل التشريعى الجديد، كثر الحديث فى الحوارات الخاصة وعلى «السوشيال ميديا» حول بيع مقاعد مجلس النواب لمن يدفع أكثر، وحددت الشائعات تسعيرة للمقعد تتراوح بين 25 مليون جنيه وتصل إلى 100 مليون! فيما يعرف بـ«بورصة البرلمان» ومن خلالها فتح المزاد ومين يزوّد؟! وقد يخرج علينا فريق يعمل على الترويج للحصانة البرلمانية وعائدها أو ريعها الذى يحصل عليه من يقع عليه المزاد، وفعلاً هناك من يتحدث عن أن الذى يدفع كل هذه الملايين من أجل مقعد فى البرلمان سيكون جل اهتمامه هو جمع الأموال التى دفعها خلال فترة وجيزة، وبعد ذلك يتفرغ لجنىّ الأرباح التى تدرها عليه الحصانة خلال الخمس سنوات على اعتبار وهذا من وجهة نظرهم أن الحصانة مشروع تجارى لا أكثر! طبعاً هذا الكلام أو هذه الشائعات التى تلوكها الألسن باستمرار من شخصيات مثقفة وأخرى من عموم البشر ومن أعداء الوطن الكارهين لمصر، والذين دأبوا على قذف الشرف الرفيع وينتظرون إسالة الدماء على جوانبه يسيىء إلى الحياة النيابية التى شهدت مصر خطوات تطورها عام 1866، بإنشاء «مجلس الشورى النواب»، فى عهد الخديو إسماعيل، وشهدت الحياة النيابية فى مصر مراحل متعددة لتقوم بدورها فى إرساء معنى الدولة الذى سبقت إليه مصر دول العالم القديم والحديث.. وخلال تلك الأعوام أسهمت الهيئات النيابية فى تشكيل تاريخ مصر ووجهها الحضارى الحديث فى مختلف جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

فى 7 فبراير 1882، أرست مصر أول ملامح للديمقراطية النيابية، من خلال سنّ نصوص فى الدستور الجديد الذى حل محل دستور 1879.. فقد أوجد دستور 1882، لأول مرة فكرة وجود مجلس نواب يختص بالتشريع، ويراقب ومجلس النظار «الحكومة». وتعتبر مصر صاحبة أول مجلس نيابى منتخب يمتلك اختصاصات نيابية فى منطقة الشرق الأوسط، فى مايو عام 1805، شهدت مصر أول ثورة ديمقراطية ناضجة فى العصر الحديث وهى الثورة التى قادها علماء الأزهر واشترك فيها كل فئات الشعب. وبدأ محمد على باشا ثورة إدارية شاملة لإقامة مؤسسات حكم حديثة بما فيها إقامة مجلس نيابى تمثيلى حديث.

ففى عام 1824، تم تكوين «المجلس العالى» الذى يعد البداية الحقيقية لأول مجلس نيابى يتم اختيار بعض أعضائه بالانتخاب ويراعى فيه تمثيل فئات الشعب المختلفة، وشهد عام 1866، الخطوة الأهم فى تطور الحياة النيابية فى مصر بإنشاء مجلس شورى النواب وهذا المجلس يعد أول برلمان يمتلك اختصاصات نيابية، وليس مجرد مجلس استشارى تغلب عليه الصفة الإدارية، واستمر التطور فى الحياة النيابية حتى وقتنا الحالى مع اختلاف مسميات البرلمان، إلى أن استقر الحال على مجلس النواب والشيوخ الحاليين.

رحلة طويلة مشرفة للحياة النيابية مرت بها مصر منذ قرابة القرنين من الزمان، بدلاً ما نفتخر بها ونتمسك بها نجد من يحاول أن يهيل عليها التراب للإساءة إلى هذا التاريخ، وضرب البرلمان الجديد فى مقتل، وتحويله إلى ملكية خاصة لأصحاب الملايين ينمون من خلاله رؤوس أموالهم، ويصورون مصر على أن حكومتها لا تخضع للمحاسبة ولا للرقابة ولا تحترم معاهداتها والتراماتها وأن القوانين فيها تصدر حسب أهواء أصحاب الملايين من النواب. تباً لكل من تسول له نفسه الإساءة إلى البرلمان المصرى، وتباً أيضاً لمن يصدق أن مقاعده تخضع لعملية البيع والشراء.

وتباً لمرشح يعتقد ذلك، وتباً لناخب يصدق هذا الهراء، برلمان مصر ليس للبيع ولا للشراء، إنه يشكل بأصوات الناخبين الذين يختارونهم بإرادتهم الحرة، حذار ثم حذار مما يحكيه المغرضون الكارهون لمصر، الذين يحاولون ضرب سلطتها التشريعية فى مقتل.

أقول قولى هذا، ولكن لوقف الدخان والرماد لا بد من رد مسئول، وأقول فتشوا عن القائمة المغلقة لأن هذا اللغط هو أحد آثارها الجانبية.