همسة طائرة
أثار الحوار الأخير للدكتور طيار سامح الحفنى، وزير الطيران المدنى، مع الإعلامى عمرو أديب، نقاشًا واسعًا داخل الرأى العام.. وتفاعلات واسعة على منصات التواصل الاجتماعى، حيث وُجهت بعض الانتقادات الحادة لتصريحات الوزير حول ملفات حساسة تخص مستقبل القطاع. غير أن القراءة المتأنية للحوار تكشف أن الوزير اعتمد نهج المكاشفة والشفافية، مقدّمًا رؤية واقعية تستند إلى أرقام وخطط معلنة وليست مجرد شعارات.. ركّز المنتقدون على بعض الملفات، مثل تكلفة تطوير دورات المياه بمطار القاهرة، وأسعار التذاكر، والتحديات المالية لشركات الطيران الوطنية. غير أن قراءة متأنية لما طرحه الوزير تكشف أن الهدف كان المكاشفة بالأرقام والحقائق، بعيدًا عن المبالغة أو التجميل.. فمن الطبيعى أن تُقابل التصريحات الرسمية بانتقادات، لكن الموضوعية تقتضى الاعتراف بأن ما طرحه الوزير سامح الحفنى فى حواره كان لغة مكاشفة لا مجاملة. فالتطوير لا يتحقق بالشعارات، بل بالاعتراف بالتحديات وطرح حلول عملية قابلة للتنفيذ.. ولعل الأهم أن هذا الحوار فتح الباب لنقاش مجتمعى جاد حول مستقبل قطاع استراتيجى يمثل بوابة مصر الأولى للعالم، وهو نقاش صحى إذا ما استند إلى معلومات دقيقة ورؤية واقعية..
<< يا سادة.. الشفافية فى طرح التحديات من أبرز النقاط التى أثارت الجدل اعتراف الوزير بالتحديات المالية والهيكلية التى تواجه بعض الشركات التابعة لقطاع الطيران. إلا أن ما اعتبره البعض «إقرارًا بالفشل» يمكن قراءته على أنه خطوة جريئة لفتح الملفات المغلقة أمام الرأى العام، بما يعكس رغبة حقيقية فى الإصلاح من خلال تشخيص المشكلات بدقة.
<< يا سادة.. أكد الوزير خلال الحوار أن استراتيجية الطيران المدنى تتكامل مع «رؤية مصر 2030» وتستهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمى للطيران والخدمات الجوية.. وأشار إلى خطط توسعية فى تحديث الأسطول، وتطوير المطارات، وتحسين الخدمات، وهى مشاريع رصدت لها الدولة استثمارات ضخمة عبر القابضة لمصر للطيران وهيئات المطارات والملاحة الجوية.
<< يا سادة.. لعل أبرز ما تعرض للهجوم كان الحديث عن تكلفة تطوير حمامات المطار، التى اعتبرها البعض مبالغًا فيها. لكن الوزير أوضح أن الأمر ليس مجرد «تشطيب تجميلى»، بل عملية تحديث متكاملة للبنية التحتية، شملت شبكات المياه والصرف والتهوية وأنظمة الاستشعار الذكى، بما يطيل العمر الافتراضى ويقلل تكاليف الصيانة المستقبلية.. هذه الأعمال أُسندت لشركات متخصصة بعد مناقصات علنية ورقابة صارمة، بما يضمن الشفافية ومواءمة التكلفة مع الجودة المطلوبة، خصوصًا أن مطار القاهرة يعد واجهة الدولة أمام ملايين المسافرين سنويًا.
<< يا سادة.. انتقاد آخر وُجه لتصريحات الوزير حول التحديات التى تواجه بعض الشركات التابعة. لكن الاعتراف بالمشكلات لا يعنى الفشل، بل يعكس جرأة فى طرح الحقائق، خاصة أن قطاع الطيران عالميًا تأثر بجائحة كورونا والتقلبات الاقتصادية.. الوزير أشار إلى أن الدولة دعمت مصر للطيران بخطط لإعادة الهيكلة وتحديث الأسطول وضمان الاستدامة المالية، وهو ما يسير بخطوات محسوبة توازن بين متطلبات الحاضر وتطلعات المستقبل.
<< يا سادة.. أثارت أسعار التذاكر جدلًا واسعًا، أيضا لكن الوزير أوضح أنها تخضع لمعادلة عالمية معقدة ترتبط بأسعار الوقود (الذى يمثل 40% من التكلفة)، ورسوم التشغيل، والضرائب.. وأكد أن الوزارة تعمل على ضبط التكاليف، وتوسيع نشاط النقل منخفض التكاليف عبر شركة «إيركايرو»، إضافة إلى تقديم عروض ترويجية تخفف العبء عن المسافرين.
<< يا سادة.. رأى بعض المنتقدين أن تصريحات الوزير عن مستقبل الطيران جاءت أقل من سقف التوقعات. لكن فى الحقيقة، ما عرضه يعكس خطة متدرجة واقعية، تشمل تحديث المطارات، وتحويل مصر إلى مركز محورى لحركة الطيران بين أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وهى أهداف تتماشى مع «رؤية مصر 2030».
<< يا سادة.. المراقبون والخبراء بقطاع الطيران يرون أن جانبًا من الانتقادات جاء نتيجة لارتفاع سقف توقعات المواطنين من قطاع استراتيجى وحساس مثل الطيران، خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية. غير أن الوزير أوضح أن الإصلاح عملية تراكمية تحتاج وقتًا، وأن القطاع يسير بخطوات محسوبة لضمان استدامة النمو وعدم تكرار أزمات الماضى.
< همسة طائرة
<< يا سادة.. تأتى أهمية حوار «الحفنى» مع عمرو أديب أنه ابتعد عن الصياغات الدبلوماسية المعتادة، وفضّل تقديم الحقائق كما هى، معترفًا بما هو قائم، ومعلنًا الخطوات التى تتخذها الدولة لمعالجة أوجه القصور. هذه اللغة الصريحة ربما أزعجت البعض، لكنها فى الوقت ذاته تمنح الثقة بأن الوزارة تسير على نهج المكاشفة لا المجاملة.
<< يا سادة.. لا يستطيع أحد أن ينكر الاعتراف بأن الانتقادات جزء طبيعى من التفاعل المجتمعى مع قضايا الرأى العام، لكن الموضوعية تقتضى الاعتراف أيضا بأن الوزير سامح الحفنى قدّم خلال حواره رؤية إصلاحية واقعية، مدعومة بخطط ومشروعات قيد التنفيذ، تعكس التزام الدولة بتحقيق نقلة نوعية فى قطاع الطيران المدنى.. فبدلًا من الاكتفاء بترديد الشعارات، اختار الحفنى المصارحة بالأرقام والحقائق، وهو ما يجعل الحوار بداية لنقاش مجتمعى واسع حول أفضل السبل لتحقيق طموحات مصر فى هذا القطاع الحيوى.. المفترى عليه دائما.