إعلان فودافون يثير الجدل.. أفاتار ذكاء اصطناعي يتنكر في صورة امرأة حقيقية

في خطوة أثارت الكثير من النقاش، أطلقت شركة فودافون إعلانًا جديدًا يظهر فيه أفاتار ذكاء اصطناعي متنكرًا على هيئة امرأة حقيقية، في تجربة تسويقية وصفتها الشركة بأنها "اختبار لأنماط مختلفة من الإعلانات". هذه الخطوة تعكس التوجه العالمي المتنامي نحو إدماج الذكاء الاصطناعي التوليدي في الحملات التجارية، لكنها في الوقت ذاته طرحت تساؤلات جدية حول مدى تقبّل الجمهور لمثل هذه التقنيات.
الإعلان، الذي حاول محاكاة شخصية بشرية طبيعية، لم ينجُ من الملاحظات الدقيقة. فبينما قد يبدو الأفاتار مقنعًا للوهلة الأولى، سرعان ما تكشف بعض التفاصيل أنه محض نتاج ذكاء اصطناعي. شعر الشخصية بدا غير مرتب، وحركات الجسد والصوت لم تكن متناغمة بالشكل الكافي، فيما أظهرت بعض اللقطات تفاصيل غير ثابتة مثل حركة شامة على الوجه، الأمر الذي فضح الخدعة وأكد للجمهور أن ما يشاهدونه ليس شخصًا حقيقيًا.
وعلى الرغم من الانتقادات، ترى فودافون في هذه الخطوة تجربة طبيعية ضمن جهودها لاستكشاف إمكانات التكنولوجيا الحديثة. الشركة أوضحت في ردها على أحد المنتديات أن الهدف ليس الاستغناء عن الوجوه الحقيقية، وإنما اختبار أدوات جديدة للتواصل مع الجمهور. وأضافت في بيانها: "الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، ولهذا نجرّبه أيضًا في الإعلانات".
هذه التجربة ليست الأولى لفودافون مع الذكاء الاصطناعي التوليدي. فقد سبق أن أطلقت العام الماضي إعلانًا تجاريًا صُمم بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، لكنه قوبل بموجة من الانتقادات بسبب افتقاره للجودة وابتعاده عن المعايير الإبداعية المعتادة. ومع ذلك، يبدو أن الشركة ما زالت مصممة على استكشاف هذه المساحة، مستفيدة من الزخم العالمي الذي يشهده هذا القطاع.
تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في التسويق ليس مقتصرًا على فودافون. فالكثير من العلامات التجارية تتجه حاليًا إلى الاعتماد على المؤثرين الافتراضيين الذين يتم توليدهم عبر خوارزميات معقدة، ويظهرون على منصات مثل إنستغرام وتيك توك، حيث يحققون تفاعلًا كبيرًا ويثيرون فضول الجمهور. هذه الظاهرة تفتح الباب أمام صناعة جديدة بالكامل، لكنها أيضًا تثير قلقًا متزايدًا بشأن الحدود الفاصلة بين الواقع والخيال، ومدى تأثير هذه التجارب على ثقة المستهلك.
النقاد اعتبروا أن اعتماد فودافون على الأفاتار، رغم أنه مثير للفضول، إلا أنه يعكس تحديات حقيقية تواجه تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم صورة بشرية مقنعة تمامًا. فبينما تحاول الشركات الاستفادة من هذه الأدوات لتقليل التكاليف أو جذب الانتباه، يظل المشاهد يقظًا تجاه أدق التفاصيل التي تفضح "الزيف الرقمي".
من جانب آخر، يرى خبراء التسويق أن هذه الخطوة تعكس بداية حقبة جديدة في صناعة الإعلانات، حيث لن يقتصر الإبداع على التصوير التقليدي والممثلين المحترفين، بل سيمتد إلى تقنيات توليد المحتوى بالذكاء الاصطناعي. غير أن التحدي الأكبر سيكون في الموازنة بين جذب الانتباه بتجارب جديدة وبين الحفاظ على مصداقية العلامة التجارية أمام عملائها.
في النهاية، يبدو أن إعلان فودافون الأخير مجرد بداية لمسار طويل من التجارب التي ستخوضها الشركات الكبرى في مجال الإعلانات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. وبينما يتباين موقف الجمهور بين الانبهار والانتقاد، فإن المؤكد أن هذه التقنيات ستواصل التسلل إلى عالم الدعاية والإعلام بوتيرة متسارعة. لكن يبقى السؤال الأهم: هل سيقبل المستهلكون بديلاً رقميًا عن الوجوه الحقيقية، أم أن "الإنسانية" ستظل عنصرًا لا غنى عنه في صناعة الإعلان؟