رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

«الفقاعة العقارية» بين الحقيقة والخيال

بوابة الوفد الإلكترونية

 

خبراء الاقتصاد: لا تتفق مع الواقع المصرى ولا يمكن حدوثها

 

شهدت الأوساط المجتمعية والاقتصادية المصرية خلال الفترة الأخيرة جدلا كبيرا حول احتمالية حدوث «فقاعة عقارية»، نتيجة زيادة حالات إلغاء التعاقدات فى بعض الشركات بسبب تعثر العملاء فى سداد الأقساط الخاصة بالوحدات، ولجوء الشركات العقارية إلى إتاحة أنظمة سداد طويلة الأجل تصل إلى مدد تتراوح بين 10 و12 و16 سنة، مقارنة بـ5 أو 6 سنوات فقط خلال الفترات الماضية.

تزامن مع ذلك خروج أحد كبار المستثمرين مؤكدا وجود فقاعة عقارية فى مصر، ومحذرا من تأثيرها على سوق العقارات الذى يعانى من ارتفاع حاد فى الأسعار ونقص فى المعروض من شقق متوسطى ومحدودى الدخل، فى حين أن هناك زيادة فى العقارات المعروضة للأثرياء.

ومنذ تواتر هذه الأنباء انشغل بال الكثيرين بهذه الفقاعة وتأثيرها على سوق العقارات، بل أن البعض فضل الانتظار خوفا من شراء عقار بسعر اليوم المرتفع، ليفاجأ بعد ذلك بانخفاضه، فى حالة وجود هذه الفقاعة العقارية.

لذلك بحثت «الوفد» عن حقيقة وجود هذه الفقاع العقارية فأكد خبراء اقتصاديون ومطورون عقاريون أن ما يثار عن احتمالية وجودها، أمر غير وارد وغير واقعى، لأن حالة الفقاعة العقارية فى الخارج وخاصة عام 2008 أثناء الأزمة المالية العالمية، تختلف كليا عن الحالة الموجودة فى مصر الآن.

وأشاروا إلى أن الفقاعة العقارية جاءت نتيجة اعتماد المشترين على التمويل البنكى بنسبة كبيرة، وعندما تعثر هؤلاء العملاء فى السداد، انهارت البنوك وأسواق المال، وانخفضت أسعار العقارات، بينما فى مصر الوضع مختلف، لأن نسبة التمويلات العقارية محدودة، والنسبة الأكبر تعتمد على الأموال السائلة «الكاش» من جانب المواطنين، وبالتالى فحدوث الفقاعة أمر مستبعد.

كما أن الفقاعة ترتبط بزيادة الطلب والمنافسة على سلعة ما، فترتفع أسعارها وتنتفخ مع محدودية المعروض منها، لكن السوق المصرى حاليا يعانى من عجز سنوى فى الوحدات المطلوبة، لأن الطلب أكبر من المعروض، وبالتالى تتلاشى هنا أسباب وجود الفقاعة العقارية.

يأتى ذلك فى الوقت الذى كشفت فيه شركة ذا بورد كونسالتينج لأبحاث ودراسات السوق للمطورين العقاريين، عن ارتفاع مبيعات أكبر 10 مطورين فى القطاع العقارى خلال النصف الأول من 2025 بنسبة 47% مقارنة بنفس الفترة فى 2024.

وأوضح التقرير الصادر عن الشركة أن مبيعات أكبر 10 مطورين خلال النصف الأول بلغت 652 مليار جنيه مقابل 442 مليار جنيه فى النصف الأول من 2024.

وأشار التقرير إلى أن المبيعات خلال الربع الثانى سجلت 340 مليار جنيه مقابل 292 مليار جنيه فى الربع الأول.

وذكر التقرير أن عدد الوحدات المباعة ارتفع بنسبة 3% ليصل إلى 40 ألف وحدة مقارنة بالنصف الأول من 2024.

الأزمة المالية العالمية

الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس
الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس

فى هذا الصدد، قالت الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن لفظ الفقاعة العقارية جاء من الأزمة المالية العالمية فى عام 2008، ويختلف تماما عما يتم تداوله فى مصر حاليا وما يقال بأننا مقبلون على فقاعة فى السوق العقارى.

وأضافت «الحماقى» أن دور الفقاعة العقارية فى الأزمة المالية العالمية يتمثل فى أن البنوك أفرطت فى تمويل شراء العقارات، والجدارة الائتمانية لهذه القروض كانت ضعيفة، وبالتالى تعثر المقترضين فجأة عن السداد، وانهارت البنوك المقرضة وأسواق المال، وتبعها انخفاض فى أسعار العقارات، ولذلك أطلق عليها فقاعة عقارية.

وتابعت «لكن فى حالة مصر فالأمر مختلف تماما، لأن البنوك تضع ضوابط عديدة على التمويل العقارى، وإن كانت نسبة التمويلات العقارية قد زادت مؤخرا، إلا أن الضوابط ما زالت موجودة ومطبقة».

وأشارت أستاذ الاقتصاد إلى أن ما يثار حاليا بأن كمية العقارات المعروضة تزيد، وبعدها سينهار السوق العقارى، بسبب صعوية عمليات البيع والشراء، غير وارد أيضا فى ظل التوجهات الحالية بدعم القطاع العقارى، وزيادة الطلب على مناطق معينة مثل الساحل الشمالى رغم ارتفاع أسعاره، وقد تنتقل هذه التجربة إلى البحر الأحمر أيضا.

ولفتت «الحماقى» إلى أن التوسع فى الاستثمار العقارى حاليا تصاحبه حاليا زيادة فى الطلب السياحى مع انتعاش السياحة المصرية مؤخرا، وما يحدث هو توسيع لعملية العرض مع الطلب المتزايد، وبالتالى من غير الوارد حدوث فقاعة، خاصة إذا استطاعت الدولة إدارة ملف السياحة بكفاءة أفضل.

وذكرت أستاذ الاقتصاد أن تحسين الخدمة السياحية والاهتمام بالسياحة العلاجية سيساهم فى زيادة الطلب على المنتج العقارى المصرى، واستغلال الوحدات المغلقة بجانب الوحدات الجديدة، مؤكدة أن الرؤية والقدرة على الإدارة عوامل أساسية فى عدم تعرضنا لأى فقاعة عقارية.

عرض وطلب

المهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى
المهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى

وقال المهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى، إن مصر غير معرضة لفقاعة عقارية، ونحن نسمع عن هذه الفقاعة منذ 2010 لكن لم تحدث.

أضاف «شكرى» أن مفهوم الفقاعة العقارية غير مطابق للحالة المصرية، لأنها تعنى وجود سلعة عليها تزاحم فيصبح سعرها منتفخا لأن المنافسة عليها شديدة، لكن فى مصر العكس، فالمعروض كثيف والطلب كثير، خاصة مع طرح الدولة والمطورين وحدات جديدة سنويا، وبالتالى لا يوجد احتمالية للفقاعة العقارية، كما أنه لا يوجد لدينا منتج عقارى يتم احتكاره من جانب البعض حتى تحدث الفقاعة.

وأوضح رئيس غرفة التطوير العقارى، أن نسبة التمويل العقارى فى مصر تبلغ 3%، على عكس ما حدث فى الأزمة المالية العالمية عام 2008، التى وصل فيها التمويل لـ100%، وبالتالى معظم التعاملات من أموال المواطنين وهم حريصون عليها بشكل كبير.

وأشار إلى أن الحالة الموجودة الآن فى السوق العقارى تتمثل فى أن الأقساط الخاصة بالوحدات أصبحت مرتفعة مقارنة بدخل العملاء، وبالتالى لجأت الشركات إلى زيادة مدة التقسيط إلى 10 و12 سنة حتى يقوم بتخفيض قيمة القسط على العميل وتكون فى قدرته المالية.

وذكر «شكرى» أن ما يثار مؤخرا بشأن إلغاء بعض التعاقدات داخل السوق لا يمثل تهديدا لاستقرار القطاع العقارى، لأن النسب التى تم تسجيلها خلال النصف الأول من العام الجارى جاءت أقل من الحدود الطبيعية التى تشهدها أسواق العقارات عالميا.

وتابع: «حالات الإلغاء غالبا ما ترتبط بظروف فردية تخص العملاء، سواء نتيجة تغير أوضاعهم الاقتصادية أو إعادة ترتيب أولوياتهم الاستثمارية، وليست بسبب ضعف الطلب أو تراجع الثقة فى السوق».

وكشف أن حالات الإلغاء الطبيعية تتراوح بين 10 و12%، ونسبة الإلغاء فى بعض الشركات لم تتجاوز 6%، وبالتالى لا توجد مشكلة فى السوق، كما أن حجم الإلغاءات المعلن من بعض الشركات، يعتبر متوافقا مع النمو الكبير فى المبيعات التى تضاعفت خلال الفترة الماضية، ما يعكس قوة الطلب واستمرار تدفق الاستثمارات فى القطاع.

وأكد أن العقار فى مصر يعد الاستثمار الأكثر أمنا، والطلب يفوق العرض بشكل مستمر، ما يجعل أى وحدات ملغاة تعود بسرعة إلى السوق وتباع مرة أخرى دون أن تشكل أى عبء على الشركات.

قطاع جاذب للاستثمار

المهندس أحمد صبور، عضو مجلس الشيوخ
المهندس أحمد صبور، عضو مجلس الشيوخ

ويؤكد المهندس أحمد صبور، عضو مجلس الشيوخ، ورئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجى بجمعية رجال الأعمال المصريين، أنه لا يمكن حدوث فقاعة عقارية فى مصر، وما يثار عنها غير صحيح.

وأوضح «صبور» أن الفقاعة العقارية تعنى أن المعروض أكثر من المطلوب وبسعر أعلى من قدرات العملاء، ويصاحب ذلك عدم وجود طلب على الشراء فى السوق، ووقتها يضطر المطورون العقاريون لتخفيض الأسعار، وفى هذه الحالة سينتظر العملاء مزيدا من التخفيضات ويتوقفون عن الشراء، لكن هذه الحالة غير موجودة فى مصر.

وقال عضو مجلس الشيوخ إن الفقاعة العقارية حدثت فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008، لأن المطورين العقاريين فى ذلك الوقت لم يكونوا قادرين على استكمال أعمالهم، وفى الوقت نفسه تعثر العملاء فى السداد للبنوك، بينما فى مصر التمويلات العقارية لشراء الوحدات ليست منتشرة بشكل كبير.

وأشار «صبور» إلى أن نسبة التحصيل فى عدد كبير من الشركات العقارية تصل إلى 98%، ما يعنى التزاما جيدا من العملاء فى سداد الأقساط.

ولفت إلى أن القطاع العقارى فى مصر يعد الوجهة الأكثر أمانا وجاذبية للاستثمار، رغم التحديات الاقتصادية التى مر بها خلال السنوات الماضية، من تعويم للعملة وارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار.

وتابع: «العقار فى مصر وعلى مدار أكثر من 40 عاما، كان يحقق معدل زيادة سنوية فى الأسعار نحو 26%، ولذلك فالاستثمار العقارى هو الخيار الأفضل للمواطنين كاستثمار طويل الأجل، لكن يجب التأكيد على أنه من غير المنطقى أن يشترى عميل وحدة عقارية ويتوقع أن يحقق منها ربحا بعد 6 أشهر فقط».

وذكر «صبور» أن الاستثمار العقارى يحتاج إلى فترة لا تقل عن 4 سنوات حتى يبدأ فى تحقيق عوائد مجزية، لأنه يندرج تحت الاستثمار متوسط وطويل الأجل.

وأوضح عضو مجلس الشيوخ أن السوق المصرى يعانى من عجز متوارث فى الوحدات السكنية يقدر بنحو 4 ملايين وحدة فى جميع شرائح الإسكان المختلفة، بالإضافة إلى احتياج سنوى يقدر بمليون وحدة جديدة، ما يعنى أن السوق لا يزال فى حاجة للاستثمار، والعرض لا يغطى الطلب حتى الآن.

وأشار إلى أن طبيعة السوق المصرى، وما يحدث من تغييرات وإصلاحات حكومية حقيقية فى القطاع العقارى تؤمّن السوق من الكثير من التقلبات والتغيرات التى تشهدها القطاعات المماثلة فى معظم دول العالم.