سياسة جديدة في روبلوكس.. هل يكفي التحقق من العمر لوقف مخاطر استغلال القاصرين؟

في خطوة مثيرة تعكس تصاعد الجدل حول سلامة الأطفال على الإنترنت، أعلنت شركة روبلوكس (Roblox) أنها ستُعمّم تقنية تقدير العمر على جميع مستخدمي منصتها حول العالم مع نهاية عام 2025.
القرار الجديد يعني أن ملايين اللاعبين سيحتاجون إلى تأكيد أعمارهم قبل الاستفادة من ميزات التواصل والتفاعل داخل المنصة، وهو تحول مهم يعكس ضغوطًا متزايدة على شركات التكنولوجيا لحماية الفئات الأصغر سنًا من مخاطر الفضاء الرقمي.
روبلوكس، التي تُعد واحدة من أشهر منصات الألعاب والتواصل الاجتماعي في العالم، كانت قد بدأت العام الماضي في اختبار التحقق من العمر لحسابات المراهقين، الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو منع الأطفال دون 13 عامًا من الوصول إلى أدوات الدردشة التفاعلية، خاصة تلك التي قد تعرضهم للتواصل مع بالغين مجهولين. ومع السياسة الجديدة، لن يكون التحقق من العمر خيارًا إضافيًا بل شرطًا إلزاميًا لجميع المستخدمين.
وتسعى الشركة من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز الرقابة على التفاعل بين اللاعبين، حيث أعلنت أنها ستعتمد أنظمة إضافية تحد من التواصل بين البالغين والقاصرين، إلا في الحالات التي يثبت فيها وجود معرفة سابقة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. هذا التوجه يعكس إدراكًا متزايدًا للمخاطر المرتبطة بالتفاعل المفتوح بين فئات عمرية مختلفة عبر الإنترنت.
عملية التحقق لن تقتصر على إدخال تاريخ ميلاد، بل ستشمل وسائل أكثر دقة. المستخدمون سيُطلب منهم إما رفع صورة شخصية (سيلفي) تقوم روبلوكس بتحليلها بالتعاون مع شركاء تقنيين، أو تقديم وثيقة هوية رسمية معتمدة. وتؤكد الشركة أن هذه الآلية ستضمن مستوى أعلى من المصداقية، وتساعد في الحد من محاولات التحايل أو إنشاء حسابات مزيفة.
ورغم أن الخطوة تبدو في ظاهرها حماية للأطفال، فإنها تأتي في ظل انتقادات متزايدة تعرضت لها الشركة خلال السنوات الأخيرة. العديد من الخبراء وأولياء الأمور اتهموا روبلوكس بالفشل في حماية المستخدمين الصغار من الاستغلال أو التواصل غير المرغوب فيه مع جهات مشبوهة. وقد وصلت بعض هذه القضايا إلى ساحات المحاكم، ما دفع الشركة إلى مراجعة سياساتها وتبني إجراءات أكثر صرامة منذ العام الماضي، منها تقليص الميزات المتاحة للأطفال تحت 13 عامًا وإتاحة أدوات رقابية إضافية للآباء.
قضية تتجاوز روبلوكس:
التحقق من العمر لم يعد قضية مرتبطة بروبلوكس وحدها، بل أصبح اتجاهًا عالميًا تقوده التشريعات الأمريكية والأوروبية. ففي الولايات المتحدة، كانت ولاية يوتا السباقة بفرض شرط إثبات العمر للوصول إلى متاجر التطبيقات، كما بدأت ولايات أخرى مثل ميسيسيبي في فرض متطلبات مماثلة على منصات التواصل الاجتماعي. لكن هذه السياسات أثارت جدلًا واسعًا بين شركات التكنولوجيا وجماعات الحقوق الرقمية.
شركات التكنولوجيا ترى أن تحميلها مسؤولية التحقق من أعمار المستخدمين يضعها في مأزق قانوني وتقني، بينما يحذر خبراء الخصوصية من أن جمع صور شخصية أو وثائق هوية قد يعرض بيانات الملايين للخطر إذا لم تُطبق أنظمة حماية صارمة.
من الواضح أن خطوة روبلوكس تمثل جزءًا من معركة أكبر بين حماية الأطفال والحفاظ على خصوصية المستخدمين. فبينما يرحب أولياء الأمور بهذه الإجراءات لضمان بيئة أكثر أمانًا لأبنائهم، يبقى السؤال مطروحًا حول كيفية إدارة هذه البيانات الحساسة ومنع إساءة استخدامها.
ومع اقتراب موعد تطبيق السياسة الجديدة في 2025، ستكون الأنظار موجهة إلى روبلوكس لمتابعة مدى نجاحها في الموازنة بين سلامة المستخدمين الصغار وحماية خصوصية الجميع. فإذا نجحت، قد تصبح تجربتها نموذجًا تحتذي به منصات الألعاب والشبكات الاجتماعية الأخرى، أما إذا فشلت فقد تواجه موجة جديدة من الانتقادات والدعاوى القضائية.