سنابل الذهب الأبيض تتلألأ في الحقول.. انطلاق موسم حصاد الأرز بقرى البحيرة
مع بداية شهر سبتمبر من كل عام و نسمات الخريف الأولى، تتزين حقول محافظة البحيرة بمشهد استثنائي يعكس جمال الريف المصري وأصالته، فقد بدأت بشاير حصاد محصول الأرز، الذي يعد واحدًا من أهم المحاصيل الاستراتيجية في مصر، ويمثل مصدر فرحة وبهجة لمئات الآلاف من المزارعين الذين ينتظرونه كل عام كموعد مع الرزق والخير.
بدأت ملامح البهجة تعود من جديد إلى قرى ومراكز محافظة البحيرة، مع انطلاق موسم حصاد الأرز، المحصول الاستراتيجي الذي يطلق عليه "الذهب الأبيض"، ومع بشاير الخير، امتلأت الحقول بالمزارعين الذين خرجوا منذ الصباح الباكر ليقطفوا ثمار تعبهم طوال الشهور الماضية، في مشهد يعكس أصالة الريف المصري وعراقة الزراعة في دلتا النيل.
فرحة الحصاد
في القرى الممتدة على ضفاف فرع رشيد، تتناثر صور الفلاحين وهم يحملون أدوات الحصاد، فيما تجوب الحقول ماكينات الحصاد الآلي وسط أجواء يغمرها الأمل.
يقول أحد المزارعين من مركز المحمودية: "الأرز حياتنا.. تعبنا طول الصيف عشان اللحظة دي.. لما نشوف السنابل مليانة، بنحس إن الأرض ردت الجميل".
ويقول أحد المزارعين أيضا: "الأرز بالنسبة لينا مش مجرد محصول.. ده حياتنا كلها.. .بنزرعه ونرعاه طول الصيف تحت الشمس، ولما نيجي نحصد ونشوف العود مليان، نحس إن تعبنا ما راحش هدر".
بشاير الخير رغم الصعوبات
وعلى الرغم من ارتفاع التكاليف، تبقى لحظة الحصاد لها رونق خاص، فهي لحظة حصاد تعب عام كامل، وموسم تنتظره الأسر لتأمين احتياجاتها.
أحد الشباب من قرية سيدي عقبة بمركز المحمودية يقول مبتسما: "لما نشوف الأرض مليانة سنابل دهب.. ننسى كل التعب.. الأرز هو البشاير اللي بنستناها من سنة لسنة".
بين الفرح والتحديات
ورغم الفرحة التي تعم الحقول، لا تخلو حياة الفلاحين من صعوبات، فالمزارعون يواجهون ارتفاعًا كبيرًا في أسعار مستلزمات الزراعة من أسمدة وتقاوي ومبيدات، إلى جانب زيادة تكاليف السولار اللازم لتشغيل آلات الري والحصاد.
يقول أحد المزارعين من مركز المحمودية قال: "التعب مش في الزراعة بس.. المصاريف بقت نار.. نفسنا الدولة تضمن سعر عادل للأرز عشان نقدر نزرع السنة الجاية".
الموسم لا يقتصر على الفلاح وحده، فالنساء يشاركن في جمع السنابل، والأطفال يلعبون بين الحقول في أجواء تحولت إلى مهرجان شعبي للفرح، حيث تختلط ضحكات الأسر بصوت الحصادات والسنابل اليابسة، لتكتمل لوحة الحصاد التي ينتظرها الريف البحراوي من عام إلى آخر.
الأرز محصول استراتيجي
محافظة البحيرة تعد من أكبر المحافظات المنتجة للأرز في مصر، حيث تشغل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المخصصة له، ويتميز أرز البحيرة بجودته العالية التي جعلته علامة مميزة في السوق المصري، إذ يعتمد ملايين المصريين على هذا المحصول كوجبة أساسية يومية على موائدهم.
أهمية الأرز الاقتصادية والغذائية
لا شك أن الأرز ليس مجرد محصول موسمي، بل هو ركيزة للأمن الغذائي المصري، نجاح موسم حصاده في البحيرة ينعكس بشكل مباشر على وفرة السلعة بالأسواق، وبالتالي على استقرار الأسعار، وهو ما يمثل أملًا كبيرًا للأهالي وللمستهلكين على حد سواء.
هكذا تعيش قرى البحيرة هذه الأيام على وقع فرحة الحصاد، حيث تتلألأ سنابل الأرز كحبات الذهب الأبيض، لتروي حكاية كفاح الفلاح المصري وصبره وإصراره على خدمة أرضه رغم كل الظروف، وبين تحديات الحاضر وآمال الغد، يبقى موسم حصاد الأرز مناسبة سنوية يستمد منها أبناء الريف قوتهم وروحهم، وموعدا مع الرزق والخير.
