فى رحاب آية
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)

تعد هذه الآية الكريمة من أعمق الآيات التى تُجسد رسالة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أجمع المفسرون – كالطبرى والقرطبى وابن كثير – على أن المقصود بالرحمة هنا رحمة شاملة عامة، امتدت لتشمل الإنس والجن، المؤمن والكافر، بل والحيوان والجماد. فالنبى صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى والنور، ومن آمن به نال رحمة الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن به رُفع عنه كثير من العذاب الذى كان ينزل بالأمم السابقة ببركة وجوده.
رحمة النبى صلى الله عليه وسلم لم تكن شعارات، بل كانت واقعًا معاشًا: فقد كان رفيقًا بالضعفاء، عطوفًا على الأيتام، رؤوفًا بالحيوان، حتى قال: «فى كل كبدٍ رطبة أجر»، كما علّم أصحابه أن الرحمة بالناس أساس للإيمان الحقيقى.
وتطبيق هذه الآية فى حياة المسلم اليومية يبدأ بالاقتداء بأخلاق النبى صلى الله عليه وسلم فى التعامل مع الآخرين، باللين والرفق والعدل، ونشر الخير أينما كان. فالرحمة ليست حصرًا فى المواقف العاطفية، بل تظهر فى إتقان العمل، والصدق فى المعاملة، ورعاية الأسرة والجيران، ومساعدة المحتاج.
إن استحضار هذه الآية يجعل المسلم مرآةً لرحمة نبيه، فيسعى ليكون عنصر سلام وخير فى بيئته، محققًا بذلك غاية الرسالة التى جاء بها خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.