مركز ثبات للبحوث: نتنياهو يعمل لإفراغ الأرض من أي وجود سياسي فلسطيني

أكد جهاد حرب، مدير مركز ثبات للبحوث، أن السياسات الإسرائيلية الحالية تجاه الضفة الغربية ليست جديدة، بل تعكس توجهاً قديماً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي عبّر عن نواياه منذ ولايته الأولى عام 1996، عندما صرّح في كتابه بأن الأرض الممتدة من النهر إلى البحر هي دولة إسرائيل.
وأضاف مدير مركز ثبات للبحوث في تصريحات مع الإعلامي كمال ماضي، مقدم برنامج "ملف اليوم"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن نتنياهو يعمل بشكل منهجي على إفراغ هذه الأرض من أي وجود سياسي فلسطيني، وإعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة، وعلى رأسها اتفاقات أوسلو، في محاولة واضحة لإنهاء الكيانية السياسية للفلسطينيين.
استكمال لمشروع استعماري بدأ منذ عقود
وتابع مدير مركز ثبات للبحوث أن ما يقوم به نتنياهو اليوم هو استكمال لمشروع استعماري بدأ منذ عقود، مشيراً إلى أن الأخير يطمح لتأسيس ما يُعرف بـالدولة الثانية لإسرائيل، على غرار ما فعله بن جوريون عام 1948.
وقال إن هذا التوجه يتقاطع مع تحالفه الأيديولوجي والاستراتيجي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما يعزز من اندفاعه نحو فرض الأمر الواقع، خصوصاً عبر التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي.
واستشهد بمصادرة 450 دونماً من أراضي الضفة الغربية مؤخراً، كدليل على تلك السياسة الممنهجة لتقطيع أوصال الضفة الغربية.
فى غزة يُباد الصحفيون على الهواء وهم يُفتشون عن صورة أخيرة تُعانق العالم، ليكونوا شاهدين على أن الصحافة ليست مجرد مهنة، وإنما قدرٌ يختاره أصحابها عن وعيٍ كامل، كمن يمضى طوعًا نحو الشهادة، مؤمنًا بأن «الحقيقة لا تموت وإن مات أصحابها».
أضاف الاحتلال إلى سجله الأسود جريمة حرب جديدة لحظة ارتقاء 5 صحفيين تساقطوا نجومًا فى ليل غزة جراء قصف مستشفى ناصر بخان يونس، خبت أصواتهم دفعةً واحدة وتحولوا من ناقلى الخبر إلى عناوينه، فى ليلة بكت فيها السماء، وارتجّت لها الأرض وشهدت عليها الشمسُ ناقمة، ولو استطاعتْ أن تقذف المحتل بنارها المستعرة لفعلت انتقامًا لشعبٍ أزال من قواميسه مفردات «الحياة».
5 من حراس الحقيقة كتبوا وصاياهم قبل تقاريرهم، عاشوا فى خيام صغيرة بجوار مجمع ناصر، ناموا على الأرض، تقاسموا حلم وقف الحرب وفُتات الخبز، لم يعرفوا رفاهية الحماية، ولا امتيازات المهنة، كل ما امتلكوه: سترات أثقلتها الشظايا وكاميرات بلّلتها الدماء.
ودّعتنا مريم أبودقة وهى تُمنى نفسها بمعانقة طفلها، وغادرنا معاذ أبوطه الذى كان يهرول بين الأطفال ليصنع لهم فسحة علاج وحياة، وبقى أثره فى وجوه من أنقذهم.
ورحل حسام المصرى تركًا خلفه زوجة تُصارع السرطان وحيدة، وارتقى محمد سلامة حاملًا معه أحلام زفاف لم يكتمل، فيما صعد أحمد أبوعزيز بالميدان مقاومًا مرضه حتى آخر نبضة، وأسماء أخرى حملت الكاميرا ولم تعد.. تحوّلت دماؤهم إلى مداد جديد يكتب سطور القضية الفلسطينية على جدران العالم.
هذا الملف هو روايتهم، بلسان من بقوا على قيد الألم، شهادات حية عن آخر اللحظات، عن آخر مفتاح سُلِّم، عن آخر مكالمة انقطعت، عن أطفال ينتظرون آباءهم على هواتف صامتة، وعن وصايا تُسلم باليد قبل أن يخطفها القصف.
المفتاح شاهد قبر
«أجانا حسام الصبح، أخذ منى المفتاح كان بدّه الكاميرا والأغراض من الخيمة المجاورة، قال لي: رايح على مجمع ناصر أشتغل.. وبعد أقل من نصف ساعة دوى انفجار هزّ المكان كله، والشظايا والحجارة وصلت لخيمتنا لأنها ملاصقة للمستشفى».. بهذه الكلمات روى الصحفى الفلسطينى محمد إسماعيل الحداد لـ«الوفد» تفاصيل اللحظات الأخيرة فى حياة الشهيد حسام المصرى.
وأضاف: «هرعنا باتجاه الموقع وإذا بقذيفتين أُطلقت على الصحفيين محمد سلامة ومعاذ أبوطه ومريم أبودقة وأحمد أبوعزيز، نزلت علينا شظايا وحجار وإحنا بالشارع.. وتم قصف طواقم الدفاع المدنى أثناء انتشال الشهيد حسام المصرى، رجعنا للخلف ما حدا قدر يتقدم خوفًا من القصف مجددًا، وشاركنا فى انتشال الشهداء فى مشهد مريب.
وصف محمد إسماعيل المشهد بيوم القيامة قائلًا: «ناس تجرى، صرخات تتعالى، أجساد مضرجة بالدماء، أشلاء مبعثرة.. الفقد كبير والوجع لا يوصف، حتى هذه اللحظة أشعر بصدمة وكأن هذا كابوس ممكن نفيق منه ويكون غير حقيقى.. استشهد زملائى رفاق التغطية والحدث والصورة كنا سطر كامل من الخيام نقضى الوقت مع بعض ونتشارك الحرب والجوع والقهر وأمل وقف حرب الإبادة.
وعن أصعب لحظة قال: «تطاردنى كلمات ابن حسام المصرى، طفل فى الخامسة عشرة، بعدما دفنّا والده حكالى رن على جوّال أبويا يمكن يرد علينا! مشهد يبكى القلب قبل العين.. تبلدت مشاعرنا من كثرة ما رأينا، ما عادت لدينا رفاهية البكاء، ما فى وقت لا للدموع ولا للحزن لأن عدّاد الشهداء يحصدنا حصدًا، الواقع مرير جدًا، وأصبحنا نعانى من أمراض نفسية بسبب ما عايشناه».