رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

عمرو الليثي: الخوارزميات أصبحت قوة مؤثرة في تشكيل الرأي العام وإعادة صياغة المفاهيم

الإعلامي د. عمرو
الإعلامي د. عمرو الليثي

 أكد الإعلامي د. عمرو الليثي أن الخوارزميات لم تعد مجرد أدوات تقنية تعمل في الخفاء، بل تحولت إلى قوة مؤثرة في تشكيل مواقف الأفراد وتوجيه اهتماماتهم وأفكارهم. فهي التي تحدد ما يظهر أمامنا على منصات التواصل الاجتماعي، وتقترح علينا الكتب والمقاطع المصورة والأخبار، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في تشكيل ذائقتنا الفنية والدينية والرياضية والسياسية.

 

 وأوضح الليثي، في تصريحات صحفية، أن تأثير الخوارزميات بات واضحًا في مختلف المجالات، فعلى الصعيد الفني، أصبحت الخوارزميات وسيطًا بين الفنان والجمهور، إذ تُبرز الأعمال التي تحقق أعلى نسب التفاعل، بغض النظر عن قيمتها الإبداعية أو عمقها الفني. وهذا قد يدفع الفنان إلى مجاراة "منطق الأرقام" على حساب التعبير الحر، ويضع الجمهور في دائرة مغلقة من التكرار، تحدّ من انفتاحه على تجارب فنية جديدة ومغايرة.

 

 أما على المستوى الديني، فأشار الليثي إلى أن الخوارزميات قد تسلط الضوء على أصوات بعينها، وتحجب أخرى، وفقًا لما سبق أن بحث عنه الفرد أو تفاعل معه، وقد يجد المستخدم نفسه محاطًا بمحتوى متشدد أو مفرط في التيسير، مما يثير المخاوف من تسييس الدين أو توظيفه رقميًا، ويؤثر بشكل مباشر في تكوين المعتقدات وترسيخ الانتماءات.. وهنا تكمن الخطورة في تحول المنصات الرقمية إلى بيئة تعزز الاستقطاب بدلاً من أن تدعم الحوار المتوازن.

 

وفي الشأن الرياضي، بيّن الليثي أن الخوارزميات تؤثر في كيفية متابعة الجمهور لفرقه ولاعبيه المفضلين، إذ تبرز لحظات الانتصار والمشاهد المثيرة، بينما تخفي الإخفاقات والأخطاء التكتيكية. وهو ما يخلق صورة مثالية أو مشوهة عن الواقع الرياضي، ويدفع الجمهور إلى انحياز مفرط أو الدخول في جدالات حادة، نتيجة ما يتلقاه من محتوى انتقائي وموجه.

 

 وفي الجانب السياسي، أكد الليثي أن الخوارزميات تلعب دورًا عميقًا في تشكيل الرأي العام، من خلال تسليط الضوء على قضايا بعينها وتغييب أخرى، وفق منطق "الترند" لا الأهمية، ومع استمرار هذا التوجيه الخفي، يتم إعادة تشكيل المفاهيم وتغيير المواقف تدريجيًا، حيث لا تكتفي هذه الأنظمة الذكية بعكس ما نحب، بل تقوم بتنمية اهتمامات جديدة وإعادة ترتيب أولوياتنا.

 

 واختتم الليثي حديثه بالتأكيد على أن الخوارزميات أصبحت "مرآة ومحركًا" في آن واحد؛ فهي تعكس اهتماماتنا، لكنها في الوقت ذاته تعيد صياغتها ولذا، فإن التعامل معها يجب أن يكون بوعي نقدي، بحيث لا نمنحها السيطرة الكاملة على ذائقتنا أو قناعاتنا، سواء في الفن أو الدين أو الرياضة أو السياسة..  فالوعي الفردي والاختيار الحر يظلان خط الدفاع الأول في مواجهة الهيمنة الرقمية والبرمجة الخفية التي تسعى لإعادة تشكيل العالم وفق منطق الأرقام والتفاعل فقط.