قطوف
أعدائي
من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع.. هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
"سمية عبدالمنعم"

أعدائي مثاليّون جدًا يا الله
صفحاتُهم ملأىٰ بمأثوراتِ المتصوّفة
ومواقف الكشف والمَعِيَّة
يراها الإنسان الطبيعيُّ
فيوقنُ أنهم أصحاب أحوالٍ معَك
يمشون بين الناس حُرَّاسا للفضيلة
لا يعرفون الحروب الخبيثة
ولا يضلعون في تصفيَّاتٍ معنويةٍ
حينما تتقاطع المصالح
إنهم يهنئونني بابتسامات دافئة
ولا يتقنون غرس بذور الشك في قلبي!
أعدائي ودعاء كحِملانٍ ساذجةٍ
يصافِحون بقلوبٍ مخلصة
لا يفقهون صنعة التمثيل ولا آداءات المسرح
لسانهم يتقاطرُ شهدًا
لا يرمون الناسَ بالباطلِ
ولا يقولون (تبًّا) عند الحاجة إليها
إنهم يترفعون دائما عن اللعنِ والسُّباب
ولا يريني أحدهم من ظلام النفوس إلا بريقها!
أعدائي مثقفون حد امتلاءِ رؤوسهم بآلاف الكتب
ينيرون المحافلَ بمداخلاتهم الثريَّة في انتقاد البيروقراطية الجامدة
يواجهون الأفكار بحججٍ دامغةٍ
فتحملُ أحاديثهم نبرةً وطنيةً ملحميةً
ويصرخون بالحرية وحقوق الحيوان
إنهم يفككون الأشياء بعقولٍ حادة
ولا يعجزون عن فهم مشاعري!
أعدائي أقوياءُ بأنفسهم
لا تهزُّّهم العواصف ولا تكسرهم الضمائر
وليس لهم قريبٌ أو صديقٌ في جهاز الشرطة
إنهم يقطنون خلف جدرانهم الصلبة
ولا يستعملون طاقة الشر المفرطة مع ضعفي!
أعدائي متواضعون حد الاختفاء
لا يتصارعون على أضواء المحافل والشاشات
ولا يلتقطون صورا نرجسيةً لحاجة ما
ومن بساطتهم لايأكلون sushi ولا pizza
ولا يدخنون السعادةَ مع سجائرهم ال davidoff
زاهدون في منتجاتTom Ford, Chanel, Dior, Gucci ويقنعون بما لديهم من عطاء أبدا.
إنهم لا يحبون لعبة تخفي الأرواح
ولا يتركون الستائر تحجب نواياهم عن رؤيتي!
أعدائي ملائكةٌ بأجنحةٍ من كلامٍ
يشغلون حيزًا شاسعًا في فضائكَ يا ربِّ
يغدون واعظين
ويروحون محذرين
يكرسون نضالهم الصادق
ضد الوصوليين وشذاذ الآفاق
ويعلنون الحرب على المبتزين ومشوهي سمعة الشرفاء.
إنهم ليسوا أشباحا
ولكنهم تركوا لي مرونة التأويل
ولم يتركوا لي عرشا من غبار!