رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي


عمت  المظاهرات والإضراب الشامل مناحي الحياة كافة في إسرائيل استجابة لإعلان رئيس اتحاد نقابات العمال الإسرائيلي (الهستدروت)، لدفع الحكومة لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة. 
وجاءت الاحتجاجات بعد أكثر من أسبوع من موافقة المجلس الأمني المصغر "الكابينت " في إسرائيل على احتلال غزة وتصديق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على خطة احتلال غزة، في ظل حرب مُدمِّرة وحصار مستمرَّين منذ 22 شهراً وشهدت إسرائيل حالة من الشلل التام في جميع أنحاء إسرائيل من جرّاءِ المظاهرات والإضراب العام الذي انضم له زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، فضلا عن انضمام بلدات مثل تل أبيب والقدس وحيفا للإضراب الشامل. 
ولكن يبقى السؤال: هل من الممكن أن يؤدي إضراب وحراك في إسرائيل إلى وقف الحرب ؟
بالتأكيد لا. فيحب أن نفرق هنا بين حراك الشارع الإسرائيلي الإنساني وواجبهم تجاه الرهائن في غزة من وجهة نظرهم، والضغط على نتنياهو وحكومته لإبرام صفقة استرداد الرهائن الأحياء منهم والأموات إن أمكن والحراك والإضراب من أجل إنهاء الحرب، فحراكهم هنا غير مرتبط بإنهاء الحرب ضد الفلسطينيين.
فحرب غزة والضفة وحزب الله هي بالنسبة لإسرائيل حرب استراتيجية وجودية لبقاء وهيمنة إسرائيل كدولة، وبالتالي المواطن الإسرائيلي لن يعارض في أي خطوة تحقق أمن واستقرار دولة إسرائيل من وجهة نظرهم آي الدولة التي تحتضن اليهود وبالتالي وبعد عقد الصفقة وحصول الشارع الإسرائيلي على هدفه بعودة الرهائن، فإنه لن يبالي بما سيقوم به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة أو الضفة أو لبنان، إلا إذا كانت سياسة الحكومة تتعارض مع مصالحه فمن الممكن أن يطالب بوقف الحرب، ما عدا ذلك لن يبالي الإسرائيلي في أي قتل لأي فلسطيني. 
وأما من هي “الهستدروت” التي دعت إلي الإضراب في إسرائيل فهي اتحاد يضم مجموعة كبيرة من النقابات تأسست في حيفا عام 1920، أي فترة الانتداب البريطاني في فلسطين، فهي نقابة العمال في إسرائيل وقد ساهمت في دعم الحركة الصهيونية وعززت مبادئها وأفكارها وشجعت على الهجرة إلى فلسطين، ودعمت القطاع الزراعي لتثبيت اليهود في فلسطين قبل قيام الكيان الإسرائيلي، ونقابة الهستدروت في مرحلة من قيام الكيان الإسرائيلي كانت تعد حكومة ثانية أو حكومة الظل حتى تحولت إلى البعد الاقتصادي الصرف بعد خصخصتها. 
فالهستدروت من أهم المؤسسات الاقتصادية وحماية العمال وهي تمثل الفكر اليساري الحقوقي الأخلاقي وبالتالي فإن إعلان الإضراب من قبل النقابة هو مرتبط بفكرتها اليسارية الاشتراكية الأخلاقية التي تمثل الأساس الحقوقي الاقتصادي وفوقه حق الحياة للرهائن المختطفين وهي مؤسسة غير منفصلة عن الدولة فقوانين العمل التي تطبقها هذه المؤسسة مستمدة من شراكة بينها وبين الدولة. 
لكن الحراك والإضراب الذي يحدث في إسرائيل أساسه قوة الحراك الإنساني الأخلاقي الذي يخوضه الحقوقيون اليساريون في إسرائيل وأهالي المخطوفين الذين يؤكدون على حق الحياة لأبنائهم، وما تجاوب بعض مؤسسات الدولة في هذا الحراك ما هو إلا تأكيد على البعد الأخلاقي لحق الحياة للرهائن وعدم التخلي عنهم، ولكن هذا لا يعني أن المشاركين ليسوا مؤيدين لسياسة نتنياهو في غزة بما يتعلق بإنهاء حماس.
ولا أعتقد أن الحراك والإضراب الداعية له ”الهستدروت” سيستمر كثيرا؛ لأن هيكلية إسرائيل تقوم على نظام مؤسساتي وليس نظام الحكم الأحادي، وبالتالي فإن عملية شل حركة إسرائيل لفترة طويلة لا يتلاءم مع بنيتها وتركيبتها.
وما يعزز كلامي أن المظاهرات والإضراب لا يمثل كافة القطاعات والمؤسسات في إسرائيل، ولكن هناك مؤسسات كبيرة تتبع الدولة ستشارك في ذلك، منها وزارة الدفاع الإسرائيلي وبعض البلديات ووزارة المواصلات في بعض المدن والبلديات والتأمين الوطني وبعض الجامعات والمجالس المحلية وبعض مرافق القطاع الخاص، ولكن هناك بعض القطاعات التي رفضت المشاركة باعتبار أن هذا الإضراب غير ملزم وليس إجباريًا.