رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

تعيشى يا بلدى

تناولت فى مقال الأسبوع الماضى أزمة الأطباء المقيمين فى المستشفيات الحكومية سواء كانت جامعية أو تابعة لوزارة الصحة، وقلت إنهم يواجهون ضغوطا شديدة بسبب المعاناة من بيئة عمل غير صالحة تدفعهم دفعا إلى الاستقالة والهجرة خارج مصر.

هؤلاء الأطباء الشباب الذين لم يمضِ على تخرجهم سوى أعوام قليلة، ويمثلون عصب القطاع الطبى وخط الدفاع الأول عن صحة المصريين، خلف جدران أقسام الطوارئ وغرف العناية، والأقسام الداخلية، هؤلاء الشباب، يواجهون يوميا تحديات تفوق طاقتهم الإنسانية والمهنية، فى ظل منظومة تعانى من أزمات متراكمة، تشمل ضعف الإمكانات ونقص الأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية، وهو ما يضع الأطباء المقيمين فى مواجهة مباشرة مع غضب المرضى وذويهم، وكثيرا ما يجد الطبيب نفسه مطالبا بتحقيق معجزة فى ظل غياب الإمكانيات، وهو ما يضاعف من شعوره بالعجز، أضف إلى ذلك تكليفهم بساعات عمل طويلة ومرهقة يتواصل فيها الليل بالنهار بلا مقابل مادى عادل يوازى حجم الجهد المبذول لإنقاذ حياة المرضى.

أما الأسوأ فى هذه المعاناة على الإطلاق فهو الخطر الذى يهدد حياتهم يوميًا فى اقسام الاستقبال والطوارئ وتعرضهم للاعتداء اللفظى والبدنى من أهالى المرضى الغاضبين، فى ظل غياب الحماية الأمنية الكافية داخل المستشفيات.

وأحد هذه التعديات الصارخة وقع بالأمس فى مستشفى باب الشعرية «سيد جلال» التابع لجامعة الأزهر فقد تعدى مصاب «بلطجى» حضر إلى قسم الطوارئ على طبيب امتياز لم يمض على تخرجه عدة أشهر وأحدث فى وجه الطبيب جرحًا غائرا، فهل يعقل أن تترك الدولة الأطباء فريسة للاعتداءات بهذا الشكل الفوضوى.

صحيح أن نقابة الأطباء انتفضت وتوجه عددًا من أعضائها لمساندة الطبيب المصاب ومنهم الدكتور خالد أمين، والدكتور عبد الوهاب محمد كما توجه الدكتور حسين ابو الغيط عميد كلية الطب بجامعة الازهر للمستشفى لمؤازرة الطبيب وتم تحرير محضر بالواقعة والقبض على المتهم، ولكن هل هذه بيئة عمل تليق بأبنائنا الأطباء صفوة العقول ونخبة المجتمع الذين اجتهدوا وتفوقوا وواصلوا الليل بالنهار لكى يصلوا إلى مكانة المفروض أنها متميزة!

بالتأكيد هذه الظروف القاسية تدفع كثيرًا من الأطباء الشباب دفعًا إلى التفكير فى الاستقالة والهجرة خارج مصر بحثًا عن بيئة عمل آمنة ومستقبل أفضل. وهو ما يؤدى إلى نزيف الكفاءات الطبية الذى يهدد المنظومة الصحية فى مصر على المدى الطويل.

وانا من هذه الزاوية أطالب الدولة بالحفاظ على هذه الثروة البشرية التى لاتقدر بثمن فالأطباء المقيمين هم العمود الفقرى للمنظومة الصحية فى مصر،وإنصافهم ليس تفضلا، بل ضرورة لضمان استمرار تقديم خدمة صحية آمنة للمواطنين.