أولمبياد الروبوتات في الصين.. الخيال العلمي يتحول إلى واقع رياضي

في مشهد أقرب إلى أحد أفلام الخيال العلمي، شهدت العاصمة الصينية بكين هذا الأسبوع انطلاق أول "أولمبياد للروبوتات البشرية" في العالم.
ويجمع هذا الحدث الفريد، الذي يستمر ثلاثة أيام، بين التكنولوجيا المتقدمة والرياضة، حيث تتنافس روبوتات شبيهة بالبشر من 16 دولة عبر مجموعة متنوعة من الرياضات والمهمات المعقدة.
روبوتات في الميدان: كرة القدم والملاكمة وألعاب القوى
يتضمن البرنامج منافسات مثيرة تبدأ من كرة القدم الخماسية، حيث تحركت روبوتات بحجم طفل في السابعة من عمره داخل الملعب في مشهد أثار إعجاب الحاضرين، رغم كثرة السقوط والارتباك الجماعي.
كما شهدت فعاليات ألعاب القوى مشاهد درامية، أحدها عندما اصطدم روبوت بأحد المشغلين البشريين وأسقطه أرضًا.
ولم تتوقف الإثارة عند الرياضات التقليدية، بل امتدت إلى تحديات عملية، مثل فرز الأدوية والتعامل مع المواد الخطرة، ما يعكس الإمكانات التطبيقية لهذه التكنولوجيا في قطاعات متعددة كالرعاية الصحية والصناعة.
192 فريقًا من الجامعات والشركات يتنافسون بالذكاء الاصطناعي
وشهد الحدث مشاركة أكثر من 500 روبوت، تمثل 192 فريقًا من الجامعات و88 فريقًا من شركات خاصة من دول رائدة في المجال مثل الولايات المتحدة وألمانيا والبرازيل.
وأعرب المشاركون عن حماستهم لاختبار خوارزمياتهم وتطوير تقنياتهم في بيئة تنافسية حية.
وقال ماكس بولتر، عضو فريق "HTWK Robots" من ألمانيا: "هذه المسابقات تسمح لنا بتجريب أفكار جديدة على أرض الواقع. حتى إن فشلنا، فإننا نتعلم بشكل أسرع وأوفر من الاستثمارات الضخمة في نماذج غير مجربة."
ماراثون الروبوتات.. إنجاز بطيء لكنه واعد
من أبرز اللحظات كانت منافسات سباق 1500 متر، حيث قطعت روبوتات من فريق "يونيتري" الصيني المسافة في زمن بلغ 6 ساعات و29 دقيقة، في أداء يعكس التحديات التقنية التي لا تزال تواجهها هذه التكنولوجيا.
ورغم بطء الأداء مقارنة بالبشر، فإن الخبراء يرونه خطوة مهمة في طريق التطوير طويل المدى.
الصين والرهان على مستقبل الروبوتات
وينظم الحدث حكومة بكين بالتعاون مع جهات علمية، ما يعكس الاهتمام الرسمي الصيني بصناعة الروبوتات.
وتأتي هذه الخطوة في سياق دعم حكومي تجاوز 20 مليار دولار خلال عام واحد فقط، في ظل خطة لإنشاء صندوق استثماري بقيمة 137 مليار دولار لدعم الذكاء الاصطناعي والروبوتات.
وفي الأشهر الأخيرة، نظّمت الصين العديد من الفعاليات التكنولوجية الكبرى مثل أول ماراثون للروبوتات البشرية، ومؤتمرات متخصصة، بل وحتى متاجر تجزئة مخصصة لهذه الفئة من الروبوتات.
أكثر من مجرد استعراض.. نحو استخدامات حقيقية
رغم الانتقادات التي وُجهت لبعض هذه الفعاليات، مثل ظهور الدخان من بعض الروبوتات أثناء الأولمبياد، يرى خبراء الصناعة أن مثل هذه المناسبات ليست استعراضًا فحسب، بل هي تجارب ميدانية ضرورية لتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر من أجل توظيفها في المصانع، المستشفيات، وحتى المنازل.
تغيير ثقافي وصناعي قادم
وأشار تقرير حديث صادر عن "مورجان ستانلي" إلى تصاعد الاهتمام الشعبي بمجال الروبوتات في الصين، ما يدل على اتساع الوعي المجتمعي بأهمية هذه التقنيات.
وعلّق أحد المحللين: "الذكاء المجسد لم يعد مجرد مشروع حكومي، بل أصبح جزءًا من خيال واهتمام الناس".
الكرة في ملعب المستقبل
ترى شركة "Booster Robotics"، التي تستخدم روبوتاتها في منافسات أولمبياد كرة القدم، أن هذه الرياضة تمثل اختبارًا حقيقيًا للقدرة على اتخاذ القرار والتحكم الحركي، وهي مهارات حاسمة لتطبيق الروبوتات في مهام الحياة اليومية.
بهذه الانطلاقة، تؤكد الصين أنها ليست فقط ساحة اختبار للتكنولوجيا، بل مختبر عالمي لطموحات الذكاء الاصطناعي.
ورغم أن الروبوتات لا تزال تتعثر وتسقط أحيانًا، فإن الطريق نحو المستقبل يبدو مفتوحًا بوتيرة ثابتة، وإن كانت بطيئة.